‏إظهار الرسائل ذات التسميات نظرية المؤامرة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات نظرية المؤامرة. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 22 مايو 2015

يحسبون كل صيحة عليهم وكأن كل شيء مؤامرة

0

احذروووووا!!

مؤامرة جديدة! إهانة جديدة للدين! إذا كنت تُحب الله فانشرها! دافع عن دينك! الموضوع خطير!

كثيرًا ما نسمع هذه الصيحات والنداءات التحذيرية مع كل رسالة ساذجة تُخبرنا عن مؤامرة ضدّنا، تتمثل تارة في لعبة أطفال، أو في تهجئة كلمة، أو في رموز موجودة بالواتساب، وغيرها من أمور... وفي كل مرّة يقولون أن الأمر مؤامرة وأن علينا الاستعجال بالنشر لتحذير الناس...!

أحب أن أستعير التعبير القرآني مِن سورة المنافقين: (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهم)

وبالرَّغم من أن الآية تتحدث عن المنافقين إلا أني أحب أن أستخدم هذا اللَّفظ القرآني لبلاغته في التعبير فأطلقه على ظاهرة منتشرة عندنا حين تظهر تلك الصيحات التحذيرية مُدعية كل مرّة أن الصيحة علينا وضدنا.

*اسمعوا ما تقوله صيحات "يحسبون كل صيحة عليهم" عن كلمة ﺑﺮﺏ:

إن (برب) تُغضب الرّب، والغرب لم يخترعوا هذه الكلمة إلا لأن (رب) إسم من أسماء الله!

الحقيقة: (برب) أصلها (BRB) وهي اختصار (Be Right Back) والتي تعني سأعود بعد قليل.


*ولو ودَّعت أحدًا وقلتَ له (باي) فوجئت بصحية من "يحسبون كل صيحة عليهم" تقول:

هذه مؤامرة! كلمة (باي) تعني في حِفظ البابا! ويحرم استخدامها!

الحقيقة: معاجم اللغة تقول أن الكلمة أصلها اختصار لـ (God be with you) والتي تعني (الله معك)


*ولو ضحكت في الدردشة وقلت (lol) أو (لول)، جاءكَ التحذير:

تحذييير! لول اختصار لجملة (ربنا الشيطان)!

الحقيقة: لول اختصار لجملة (أضحكُ بصوتٍ عالٍ)


*قد يحصل أن تُرسل على البرامج الاجتماعية بعض الوجوه التعبيرية فتفاجأ بصيحة "يحسبون كل صيحة عليهم" وتُقام عليكَ زوبعة تقول:

احذر!! يحتوي برنامج الواتس أب على رموز شيطانية!!

الحقيقة: رموز عادية ترمز لأمور مختلفة لا علاقة لها بالشيطان ولا بالدين وليس لها أي هدف خفي، هم يستغلون أوقات فراغهم في تطوير وسائل التواصل التي نستخدمها، لكي نأتي نحن ونتهمهم بالتآمر علينا... طيِّب وفروا جهودكم واخترعوا وسائل تواصلكم الخاصة بكم!


لكن صحيات (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهم) تهول كل شيء وتجعل كل شيء مؤامرة، نعم نحن لا ننكر وجود مؤامرات قديمة، لئيمة، خبيثة، ضخمة، عملاقة، وهي مؤامرات اقتصادية جشعة وأخلاقية ودينية... ولكنها في أمور كبيرة عادة ما تكون واضحة، ولا تكون في أفعال طفولية ساذجة لا تُقدم أو تُؤخر مثل كلمة مسجد باللغة الإنجليزية أو كلمة باي أو غيرها!


(ملاحظة: نؤكد مرة أخرى أن هذا ليس تفسيرًا للآية، بل استعانة بعمق التعبير القرآني)


لمزيد من التفاصيل بخصوص بعض الأكاذيب التي ذكرناها بالأعلى:



إعداد فريق عالم الأكاذيب
اقرأ المزيد »

الثلاثاء، 30 سبتمبر 2014

حقيقة المؤامرة اليهودية وبروتوكولات حكماء صهيون

5

[نظرية المؤامرة اليهودية هي] نموذج تفسيري يضع اليهود، كل اليهود، في سلة واحدة. ولذا فكل الظواهر اليهودية والصهيونية والإسرائيلية شيء واحد. ويتم اختزال الإسرائيلي في الصهويوني والصهيوني في اليهودي. لأن الجميع "يهود والسلام".

كما يتم اختزال اليهود (بل الواقع بأسره) في قوالب جاهزة وأنماط سابقة.

فاليهود –حسب تصور هؤلاء الكتاب- شخصيات مخربة هدامة دائما وأبدا. تتآمر بطبيعتها ضد كل ما هو خير ونبيل (فهذا –حسب تصورهم- مكون أساسي وثابت في طبيعة اليهود). وهم مسؤولون عن كل الشرور (أو على الأقل معظمها)، وسلوكهم هو تعبير عن مخطط جبار وضعه العقل اليهودي (أو حاخامات اليهود) لتهريب الأخلاق وإفساد النفوس حتى تزداد كل شعوب العالم ضعفا ووهنا بينما يزداد اليهود قوة وبأسا، وذلك بهدف السيطرة على العالم.

والعالم كله –حسب هذا التصور- إن هو إلا رقعة شطرنج، وكل البشر إن هم إلا أحجار عليه يحركها اليهود بكل بساطة لإنجاز مخططهم، فهم أصحاب قوة خارقة لا تضاهيها قوة، ونفوذ كبير ليس مثله نفوذ. والتاريخ اليهودي بأسره إن هو إلا تعبير عن هذا النموذج الثابت، وهذه المؤامرة التي لا تتغير [...].


والصهيونية –في تصور التآمريين- ليست ظاهرة مرتبطة بحركيات التاريخ والفكر الغربي، وإنما هي مجرد تعبير عن هذا الشر الأزلي الكامن في النفس اليهودية، ذلك الشر الذي يتبدى في الغزو الصهيوني لفلسطين [...]

وابتداء، يجب الإشارة إلى أن البعض يخلط بين المؤامرة والمخطط. فالمخطط هو خطة استراتيجية تعبر عن مصالح دولة ما أو مجموعة من الدول (كما يتصورها أصحابها). وهي تتبدى من خلال أنماط متكررة لها مسار يعبر عن منطق داخلي يمكن فهمه والتصدي له بمخطط مضاد، فأصحاب المخطط المعادي لنا بشر، ونحن بشر، والحرب يننا سجال، إلى أن ينصر الله من ينصره.

أما المؤامرة فهي خطة سرية وضعها في الظلام بضعة أفراد دوافعهم خسيسة شريرة، يحاولون قدر طاقتهم الحفاظ عليها طي الكتمان ويقومون على تنفيذها. ولأن المؤامرة ليست جزءا من نمط، فإنها لا تتبع مسارا مفهوما وليس لها قوانينها الداخلية الخاصة والخارجية العامة.

ويتصور أصحاب نموذج المؤامرة أن المؤامرة التي تحاك ضدهم موجودة في وثيقة بعينها [مثل بروتوكولات حكماء صهيون] تتضمن كل أو معظم البنود. وبدلا من فهم الواقع وتحليله وتفكيكه وإعادة بنائه، تصبح مهمتنا هي ضرورة البحث عن مثل هذه الوثائق وأن ندرسها بعناية.

إن نموذج المؤامرة، كما لخصه أحدهم، نموذج قد يدعو لعدم الاستسلام، ولكن مقولاته تنطوي على دعوة لعدم الجهاد في الوقت نفسه، لأنه نموذج يؤدي إلى الشلل التام. كنت في إحدى الندوات أعرض وجهة نظري، فقام أحدهم وصرخ في بصوت عال: "إن حربنا مع اليهود إلى قيام الساعة". قالها بحماس شديدة جعلت الجمهور يصفق له بحماسة أشد. فانتظرت حتى انتهت الحماس والتصفيق وقلت لهم: إن هذا القول يعني أن قيام دولة إسرائيل جزء من مخطط إلهي، وأن انتصاراتها علينا "أمر مكتوب" علينا تقبله إلى أن تحين الساعة!

ويدلل التآمريون على وجود المؤامرة اليهودية بالإشارة إلى أن النبوءات الصهوينية قد تحققت كلها. ويشيرون إلى مذكرات هرتزل حيث تنبأ بتأسيس الدولة الصهيونية في غضون خمسين عامًا، وقد حدث بالفعل.

ولكن يمكن أن نطرح السؤال التالي: هل قام أحدهم بحساب عدد النبوءات التي أطلقها بثقة ولكنها خابت؟ وماقولهم في نبوءته بخصوص ألمانيا القوية التي ستأخذ اليهود تحت جناحيها، وتساعدهم في مشروعهم الصهيوني؟ ألم تأخذ ألمانيا اليهود تحت جناحيها بعد أقل من ثلاثين عاما من إطلاق النبوءة بمعنى مختلف تماما عما كان يقصد إليه هرتزل؟ وما قولهم عن نبوءات الصهاينة عن تدفق يهود العالم على الوطن القومي اليهودي حيث يتم صهرهم في بوتقة الصهر الصهيونية ليخرج منها العبراني الجديد؟ ألا يمكن القول بأن الأزمة الاستيطانية وأزمة الهوية التي يعاني منهما الكيان الصهيوني هما دليل ناصع على فشل النبوءات الصهيونية.

إن رفض نموذج المؤامرة يعني عدم تقبل الواقع السطحي كما هو، ورفض المقولات اللفظية الشائعة والصور النمطية السائدة والصيغ المسبقة الجاهزة. كما يعني عدم تقبل ادعاءات الصهاينة عن أنفسهم وإخضاعها للنقد والبحث والتمحيص [...]

وإنكار المؤامرة لا يعني بأي حال إنكار أن أصحاب المخطط أو الاستراتيجية يبذلون قصاري جهدهم أن ينقذوه بأي طريقة [...]. ولذا كثيرا ما نجدهم يلجأون إلى المؤامرات، وهذا ينطبق على أشياء ضخمة مثل تقسيم العالم العربي واستعمار فلسطين [...] وتآمر أصاحب المخططات يظهر أيضا في أشياء ليست بنفس الضخامة مثل محاولات الاغتيال السياسي والتجسس وتقديم رشاوي لبعض أعضاء النخب الثقافية والسياسية وتحريك الأقليات بهدف إثارة القلاقل ضد بعض النخب الحاكمة والضغط عليها.  [...]

 
عبد الوهاب المسيري: رحلتي الفكرية: في البذور والجذور والثمر 


اقرأ المزيد »

شيطنة اليهود في الخطاب الإسلامي

0

ونموذج المؤامرة شائع في الخطاب الإسلامي المناهض لإسرائيل. وهو يفترض وجود "استمرارية" بين يهود الماضي والحاضر والمستقبل، وهذا هو جوهر الرؤية الصهيونية. في إحدى المحاضرات، قام أحد حملة هذا الخطاب وبين لي أن "اليهود هم قتلة الأنبياء". فأخبرته أن المستوطنين الصهاينة لا يقتلون الأنبياء، لسبب بسيط وهو أنه لا يوجد أنبياء هذه الأيام، كما أنهم يقومون بقتل كل من يتصدى لهم دون تمييز بين مسلم ومسيحي.

وكنت مرة أجلس مع بعض صناع القرار في العالم العربي (من ذوي الاتجاهات الإسلامية) وتطرق الحديث إلى "اليهود"، وبدأ بعضهم في عملية السب نفسها (التي هي في جوهرها عملية شيطنة للآخر، لتحقيق بعض التوازن للذات). وتطرق الحديث إلى يهود المدينة وخيبر "وتآمرهم"... إلخ. وكيف أن نفس التآمر اليهودي مستمر. فسألتهم: هل كان هؤلاء اليهود يعرفون التلمود؟ وبأي لغة كانوا يتعبدون؟ وما معنى أن بني قريظة وبني النضير من الموهانيم (أي الكهنة من نسل هارون)، مع أن نظام الكهنوت اختفى في اليهودية بعد سقوط الهيكل في 70 ميلادية؟ ثم أضفت سؤالا عن موقف يهود العالم آنذاك من يهود المدينة؟ وهل كانوا على صلة بهم أو لا؟ وهل كانوا يعترفون بهم يهودا؟ وهذا يثير قضية: هل مصطلح "يهودي" في القرآن يشير إلى يهود المدينة، أو إلى يهود العالم المعاصرين للبعثة المحمدية أو ليهود العالم في الماضي والحاضر والمستقبل؟ أي أنني أثرت تساؤلات بخصوص الاستمرارية التي يفترضونها.

ثم تساءلت هل المسلم ملزم بالتعريف الإسلام لليهودي (من أهل الكتاب، يؤمن بكتاب مقدس ومن ثم بالله وباليوم الآخر) أو بالتعريف اليهودي (من يؤمن باليهودية ومن ولد لأم يهودية)؟ والسؤال طبعا خطابي، فالمسلم ملزم بالتعريف الإسلامي وحده، ومن ثم فالغالبية الساحقة ليهود العالم لا ينطبق عليها التعريف الإسلامي لليهود!

[...]

وأخيرا أكدت على مفهوم الفطرة الإسلامي وأن الإنسان يولد على الفطرة الإنسانية، بكل ما فيها من خير وشر، وأن أبويه يهودانه أو ينصرانه، ومن ثم فمفهوم الهوية كنتاج للوراثة غير معروف في الإسلام، وحينما يتبناه التآمريون فإنهم يتبعون مفهوما غير إسلامي. فمن منظور إسلامي، لا يمكن أن يؤخذ يهود هذه الآيام بجريرة يهود الماضي، فالخطيئة مثل الاستقامة لا تورث. ولهذا نجد أن الخطاب القرآني لا يتحدث عن اليهود في عموميتهم وإنما دائما يخصص ("ومن أهل الكتاب...").

[...]


عبد الوهاب المسيري: رحلتي الفكرية: في البذور والجذور والثمر



اقرأ المزيد »

الجمعة، 16 مايو 2014

"أنسنة" اليهود

0

إن نموذج معادات اليهود بسقوطه في التعميم الاختزالي يشكل فشلا أخلاقيا، فهو لا يحاول التمييز بين الطيب والخبيث، فالآخر هو الشر متجسدًا، بغض النظر عن سلوك بعض أفراده. وهذا تزييف للحقيقة وادعاء بالباطل، وغرق في العنصرية التي تنمط كل البشر مسبقًا، وخرق لكل القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية.

ولكن الأدهى والأمر، أن هذا النموذج لا يفيد كثيرًا من الناحية العملية. فابتداءً يرى أصحابه أن الصهيونية، ومن ثم عداءنا لإسرائيل، مصدره نزعة اليهود الشيطانية، واستنادًا إلى هذه الرؤية المخيفة، قد ينجح نموذج المؤامرة في مراحله الأولى في تخويف الجماهير وتوليد العداء للعدو الصهيوني، بل وفي تجنيدها ضده. ولكنه بعد قليل سيجابه الحقيقة المرة وهي أن الناس قد يصدقون ما يبشر به هو نفسه، وهو أن اليهود شياطين، قوة لا تقهر (مثل جيش الدفاع الإسرائيلي). وأنهم يحكمون العالم، وأن أيديهم الخفية موجودة حقا في كل مكان، ومن ذا الذي يريد التصدي لقوة هائلة مثل هذه تشبه القضاء والقدر، وتحكم العالم بأسره وتمتد أيديها الخفية في كل مكان؟

إن هذه الرؤية تحول اليهود إلى عباقرة وشياطين، أي قوة عجائبية.

فأما إن كانوا شياطين فنحن لا نملك إلا الاستعاذة بالله أو الفرار أو الاستسلام، وأما إن كانوا شعبا من العباقرة، يدهم الخفية متحكمة في العالم بأسره، فبطبيعة الحال لا قِبَل لنا بالحرب ضدهم، فهذا، يقينًا، فوق طاقة البشر، أليس كذلك؟

وبذا يكون نموذج العداء لليهود تعبيرا عن فكر السلبية والاستسلام والهزيمة الذي يخرج بعدونا من سياق ما هو إنساني وتاريخي وزمني، ويجعل منه كائنا يضرب بجذوره في أسباب مفارقة للتاريخ والفعل التاريخي، ويقذف بنا في خندق مظلم.

ويخيل لي أن إدمان بعض العرب لهذا النموذج هو محاولة غير واعية منهم لأن يستعيدوا شيئا من التوازن النفسي أمام عدو استولى على أرضنا ثم ألحق بنا الهزائم، ونحن ننسب له قوة خارقة، حتى يتم تسيوغ الهزيمة، لأنه لو كان عاديّا يمكن إلحاق الهزيمة به، فسيظهر ضعفنا وهواننا أمام أنفسنا.

[...]

ويتصور البعض أن "أنسنة" اليهود تعني "تبرئة ساحتهم" والتعاطف معهم (كما يقولون). وفي هذا خلل ما بعده خلل.

أما بخصوص تبرئة ساحتهم، فهذا يفترض أن الصراع عبارة عن مرافعات، وأننا نحاكم الصهاينة لا نقاتلهم، وهو أمر أبعد ما يكون عن الحقيقة.

أما التعاطف مع اليهود فهذا ناجم عن سوء فهم لمصطلح "أنسنة"، فقد جاء في الذكر الحكيم (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) (النساء 104).

ولعل ما قاله مارك توين عن اليهود يلخص موقفي وبدقة بالغة:

Jews are members of the human race, worse than that I cannot say of them:

اليهود بشر، ولا يمكنني أن أقول ما هو أسوأ من ذلك عنهم.

فالاستعمار ظاهرة إنسانية، والعنصرية ظاهرة إنسانية، والاستغلال هو الآخر ظاهرة إنسانية، والشر ظاهر إنسانية،

بمعنى أنها كلها ظواهر من صميم وجودنا الإنساني، ولذا يمكن رصدها وتفسير معظم جوانبها.

التفسير والفهم يختلفان عن التعاطف والتقبل، وهما ضروريان للتعامل مع الواقع وتغييره، أي أن الاجتهاد ضروري للجهاد، بدون الاجتهاد يصبح الجهاد انتحارًا لأنه سيعني أننا نقذف بأنفسنا في نيران عجائية غامضة دون سابق معرفة.


المسيري (في كتاب رحلتي الفكرية)



اقرأ المزيد »

الخميس، 1 مايو 2014

هل اليهودية هي المسؤولة عن عبقرية أينشتاين؟

0

يمكننا القول بأن الحديث عن "عبقرية اليهود" فيه شطط، وأن الحديث عن "الجريمة اليهودية" لا يقل عنه شططا، فكلا المفهومين يكتفي بالنظر لليهود من الداخل، ويراهم بحسبانهم كلا منعزلا عن محيطه الحضاري، ويرى أن "يهودية" عضو الجماعة اليهودية هي المسؤولة عن سلوكه، عبقريا كان أم إجراميا.

وهنا يحق لنا أن نسأل إن كانت اليهودية هي المسؤولة عن "عبقريته"، فلم لم يظهر كافكا أو أينشتاين بين يهود الفلاشاه؟

وإذا كانت اليهودية مسؤولة عن "إجرامه" فلم لم يظهر تنظيم مافيا يهودي في اليمن (كما حدث بين يهود الولايات المتحدة في الثلاثينيات؟)

إن دراسة المؤسسات والظواهر اليهودية تبدأ بدراسة المجتمع الذي يعيش فيه أعضاء الجماعات اليهودية بين ظهرانيه (بدلا من النظر لهم من الداخل وكأنهم كيان سايسي وحضاري مستقل).

إن فعل الباحث ذلك فإنه سيكتشف في أغلب الأحيان أن كثيرا من الظواهر والمؤسسات "اليهودية" (والتي كان يظن أنها "يهودية خالصة") إن هي إلا صدى للظواهر السائدة في مجتمع الأغلبية وإعادة إنتاج لمؤسساته.

فعبقرية أينشتاين ليست نتاج يهوديته، وإنما هي نتاج التراكم المعرفي والتقدم العملي في العالم الغربي الذي ينتمي إليه هذا العالم الرياضي، تماما كما أن تنظيم المافيا اليهودي ليس نتاج الانتماء اليهودي، وإنما هو صدى لظاهرة الجريمة المنظمة التي يعرفها المجتمع الأمريكي.


المسيري (في كتاب رحلتي الفكرية)


طالع أيضا:
اقرأ المزيد »

الاثنين، 14 أبريل 2014

دور الآخر في التآمر علينا

0

أقول لأولئك الذين ألقت نظرية المؤامرة على أعينهم الكثير من الأغشية السوداء: إن الأمة لو تركت وشأنها –كما ينادي كثيرون– دون أي تدخل خارجي فإن أحوالها لن تتغير كثيرا [...].

لأن تدهور أوضاعنا يعود إلى قصور ذاتي قبل كل شيء. لو كنت تقاتل عدوا بسيف ومعه أيضا سيف، ونتيجة سوء صانعي سيفك انكسر سيفك [...] واستطاع عدوك أن يتغلب بعد ذلك عليك، فمن الذي يتحمل مسؤولية ذلك؟ العدو الذي يسعى إلى قهرك ويجاهر بذلك، أو الذي صنع السيف المغشوش، أو الأمة التي لم تتعلم إتقان صناعتها؟ حمل المسؤولية لمن شئت، ولكن لا تحملها لمن تصارعه وأنت ترجو التغلب عليه على نحو ذلك كنا نصارع الغرب بمفاهيم وأدوات وكانت الحرب بينه وبيننا سجالا إلى أن جدد في نظمه وأوضاعه وأساليبه وأدواته، وجمدنا نحن على ما كان لدينا قبل قرون، وفي بعض الأحيان تراجعنا. وكانت النتيجة المنطقية والعادلة ما نراه اليوم!

إن من المهم أن ندرك أن الغرب تركنا وشأننا في أمور كثيرة، كما أن حكامنا تركونا وشأننا في أمور كثيرة، وتصرفنا في كلتا الحالتين على نحو سيء ومخجل، ما علاقة الغرب بالخريج الجامعي الذي لا يقرأ في السنة ولا كتابا واحدا؟ وما علاقته بالوضعية المخجلة للمكتبات العامة الي تصفر من قلة زوارها؟ وما علاقة الغرب أو الآخر بالمسلم الذي لا يصلي رغم الدعوات المتكررة له إلى ذلك؟ وما علاقة الغرب بالذي يزني ويشرب الخمر، ويتكلم بكلام بذيء في بيته؟ وما علاقة الغرب بالمدرس الذي لا يحضر دروسه على نحو جدي؟ وما علاقته بالحاكم الذي يقبل الرشوة ويمارس الظلم؟ وما علاقته بالأم التي تهمل بيتها وتربية أبنائها [...]؟ وما علاقة الغرب بالموظف الذي يتأخر كل يوم ساعة أو ساعتين عن دوامه، وينصرف قبل انتهاء الدوام أيضا بساعة أو ساعتين، وهو بين الحضور والانصراف لا ينجز عملا ولا يخدم مواطنا؟ وما علاقة الغرب بالشاب الذي يقود سيارته بسرعة جنونية كاسرا كل قوانين السير وآداب الطريق ومعرضا حياته وحياة غير للمخاطر؟؟

إن هذه التصرفات وأخرى كثيرة شبيهة بها. هي الذي تشكل في نهاية المطاف موقفنا الحضاري بين الأمم، وهي التي تجعل منا لقمى سائغة وسهلة المضغ والبلع، وهذا ما يغري الآخرين بالعدوان علينا [...].

من المهم أن يدرك شبابنا خاصة أن لدى كل فرد من الأفراد، ولدى كل مجتمع من المجتمعات إمكانية معينة لعمل شيء مفيد وصحيح، ولو كان ذلك الفرد سجينا، أو كان ذلك المجتمع يقبع تحت نير الاستعمار.

إذا عرفنا موطئ القدم أو نطاق الإمكانيات المتاحة، وأخذنا في العمل في إطار تلك الإمكانية فإن العمل نفسه سوف يوسع ذلك وفق المبدأ الرائع الذي يقول: (إذا عملت ما هو ممكن اليوم فما هو مستحيل اليوم ممكن غدا).

الخلاصة [...]: الداء داخلي والقصور داخلي [...].


عبد الكريم بكار (بتصرف طفيف)، من كتاب: الأسئلة المحظورة - التأزم الفكري في واقعنا الإسلامي المعاصر
اقرأ المزيد »

| مقطع مرئي |