‏إظهار الرسائل ذات التسميات الدين والعلم. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الدين والعلم. إظهار كافة الرسائل

السبت، 5 أبريل 2025

حقيقة الإعجاز العلمي في "يخرج من بين الصلب والترائب"

0


قال الله تعالى: (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)) (الطارق).

جملة التفاسير تقول أن المقصود بالصلب هو فقار الظهر، بينما الترائب تشير لموضع القلادة أو عظام الصدر، وبعض التفاسير تقول أن الصلب تعود لماء الرجل بينما الترائب تعود لماء المرأة، أما بعضها الآخر فيقول أن الصلب والترائب تعود للرجل وحسب. 

لكن كما نعرف جميعا فإن الحيوانات المنوية والبويضات لا تتكون لا في الظهر ولا في الصدر ولا بينهما، فالأعضاء التناسلية للإنسان لا تقع في تلك المنطقة، وهنا سيأتيك الملحدون واللادينيون والمشككون وغيرهم ليقولوا لك بأن القرآن يتناقض مع العلم. وحينها يأتيك الرد جاهزا من أدعياء الإعجاز العلمي فيقولون: المقصود أصل تكون الأعضاء التناسلية حيث أنها في وقت نمو الجنين تتشكل من بين ظهر الجنين وصدره وفي هذا إعجاز علمي وكيف عرف محمد صلى الله عليه وسلم بهذا من مئات السنين وسبحان الله!

شخصيا لا أقتنع برد أدعياء الإعجاز العلمي هذا وأرى أن فيه تكلفًا لا طائل منه، وليس لهذا أنزل القرآن (راجع: الإعجاز العلمي تشريعات دقيقة أم علوم دقيقة...؟)، فبدل أن نتأمل في الآيات والإشارات التي تريد أن تنبهنا إليها، كيف أن الإنسان ذو أصل ضعيف، وكيف عليه ألا يغتر بنفسه... وغيرها من معانٍ وإشارات... بدل التركيز على هذا ندخل في حرفية الكلمات ومتاهات علمية لا طائل منها... فالقرآن ليس كتاب علم ولا هو يريد أن يعطينا حقائق علمية، ولا أن يشرح لنا كيف ومن أين يُخلق الإنسان...

لسنا مختصين في اللغة ولا علماء في التفسير، لكن كمسلمين لا نفهم من هذه الآية سوى أنها تقول لك انظر إلى بساطة أصلك أيها الإنسان وكيف أنك في بداية المطاف لم تكن أكثر من سوائل جسدية تخرج من جسم أحدهم المحاط بالعظام (الصلب والترائب أو عظام الصدر والظهر)... قال تعالى: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ۖ نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ) (النحل 66)، ولم يأت أحد ويقول أن ثدي الأنعام موجود بين الفرث والدم، وإنما أن جسدها يحوي الفرث والدم ومع هذا ينتج لنا لبنا صالحًا للشرب.

وسؤال آخر يطرح نفسه عند قراءة الآيات: (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ) (الطارق)، وهو ألا يمكن أن يكون الضمير في "يخرج" يعود على الإنسان؟ أي أن الإنسان حين ولادته يخرج من بين الصلب والترائب عندما يكون جنينا في بطن أمه، فإن كانت الضمائر في الآيات اللاحقة تعود على الإنسان (خُلق، رجعه، فما له)، فما المانع أن تكون "يخرج" تعود على الإنسان أيضًا؟ وقد جاء في تفسير الطبري: "واختلف أهل التأويل في الهاء التي في قوله: (عَلَى رَجْعِهِ) على ما هي عائدةٌ، فقال بعضهم: هي عائدة على الماء. وقالوا: معنى الكلام: إن الله على ردّ النطفة في الموضع التي خرجت منه (لَقَادِرٌ)". ولم أجد تفسيرًا أو اختلافا في كلمة "يخرج" أهي عائدة على الماء أم على الإنسان؟ ولا نرى مانعًا يمنع أن تكون تعود على الإنسان مع التنويه على عدم اختصاصنا في هذه المباحث. 

عمومًا هذه تأملات متواضعة، ويبقى الله هو أعلم بمقصوده من الآيات وأتمنى لو يراجع هذا المقال أناس لديهم علم أكثر فيفيدونا برأيهم.

وأخيرًا ننصح بمراجعة مقالنا: ماذا نفعل لو تناقض القرآن والعلم؟ هل يمكن أن يتعارض القرآن مع العلم؟

اقرأ المزيد »

الأربعاء، 3 أبريل 2024

أين آدم عليه السلام في نظرية التطور؟

0


أين آدم عليه السلام في هذه القصة [قصة البشرية وتطورها]؟ أين نوح عليه السلام في هذه القصة؟ أين بقية الأنبياء؟ 

[...]

الإجابة ببساطة هي لا نعلم. فنحن المسلمون نعرف أن كل ما في القرآن صحيح، حتى لو لم نفهمه كله اليوم فسيأتي يوم نفهم معنى كل ما في القرآن. 

قد يكون سيدنا آدم هو أول إنسان على وجه الكرة الأرضية، وقد يكون أول شخص لديه قدرات حضارية من قراءة و كتابة (وعلم آدم الأسماء كلها).

وقد يكون آدم شخص من أشخاص كثيرين ولكن كتب الله لنسل هذا الشخص أن ينجو وينتشر بينما لسبب ما انتهى نسل الآخرين. 

قد تكون قصة سيدنا آدم في القرآن لها تفسيرات كثيرة منها ما نعلمه ونفهمه اليوم ومنها ما لم نصل إلى فهمه ومعرفته بعد وسنعرفه يوما ما مع المزيد من الاكتشاف والتطور والعلم. 

لكن الأكيد هو أن القرآن الكريم ليس كتاب تاريخ ولا كتاب جغرافيا ولا كتاب علوم. وكل قصص القرآن الكريم الهدف منها هو الموعظة والعبرة لنكون أشخاصا أفضل روحيا. 

من ناحية أخرى كل قصص القرآن الكريم صحيحة لأننا نؤمن أن الله قد أوحى بها لرسوله محمد عليه الصلاة و السلام. ومن لا يؤمن بذلك هو ينكر جزءا من الوحي ويفتقد صفة الإسلام والإيمان بنبوة سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام.

وبالتالي فنحن نرى أن الإسلام وقصص القرآن لا تتعارض مع ما نعرفه اليوم من اكتشافات ونظريات. و أن هذه النظريات والاكتشافات هي في حدود ما نعرفه اليوم من علوم مادية وقد تتغير مع مرور الزمن بينما القرآن و نص القرآن ثابت لا يتغير. رغم أن فهمنا لهذا النص الثابت قد يتطور ويتحسن مع تزايد معارف البشر.


خالد عمارة، التاريخ كما أحب أن أحكيه لأولادي، بتصرف طفيف


راجع أيضا:

آدم بين نظرية التطور وقصة الخلق

هل من نقطة التقاء ممكنة بين الدين ونظرية التطور؟

هل نظرية التطور متوافقة مع القرآن


اقرأ المزيد »

الثلاثاء، 2 مايو 2023

ماء زمزم بين العلم والدين

0

هل لماء زمزم قدسية خاصة في الدين؟ وهل الشرب منه واجب أو مستحب للحجاج؟ وهل يشرع الشرب منه وإن ثبت تلوثه [...]؟ وهل يستحيل دينيا أن يصيب ماء زمزم تلوث بسبب من الأسباب؟

وللإجابة عن هذه الأسئلة نضع هنا الأحاديث الواردة في ماء زمزم، ونبين قيمتها العلمية من حيث ثبوتها ودلالتها، عند خبراء الحديث، العارفين بالأسانيد والمتون:


عقد البخاري في كتاب الحج من صحيحه بابا فيما جاء في ماء زمزم، فلم يورد في فضلها أو بركتها إلا حديث شق صدره عليه السلام وغسله من ماء زمزم، وحديث آخر فيه أنه شرب منه، وليس في الحديثين ما يدل دلالة صريحة على فضل أو بركة. وهذا ما نص عليه الحافظ ابن حجر في (الفتح) حين شرحه للحديث، قال: "كأنه لم يثبت عنده في فضلها حديث على شرطه صريحا". وفي باب سقاية الحاج روى عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى السقاية فاستسقى، فقال العباس: "يا فضل اذهب إلى أمك، فأت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشراب من عندها. فقال صلى الله عليه وسلم: اسقني. قال: يا رسول الله، إنهم يجعلون أيديهم فيه. قال: اسقني. فشرب منه. ثم أتى زمزم وهم يسقون ويعملون فيها، فقال: اعملوا فإنكم على عمل صالح. ثم قال: لولا أن تغلبوا لنزلت حتى أضع الحبل على هذه، يعني عاتقه، وأشار إلى عاتقه".

في هذا الحديث نجد العباس -وقد كان يشرف على السقاية- أراد أن يسقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء آخر يجيء به ابنه الفضل من البيت، وحجته في ذلك أنهم يجعلون أيديهم فيه، ولكن الرسول الكريم أبى إلا أن يكون أسوة للمؤمنين فلا يتميز عليهم، بل يشرب مما يشربون، ولم يكن النبي يرى في الماء ضررا أو يتوقعه، وإلا كان له موقف آخر، إنما هو لون من التقزز أظهره العباس، وكان عليه الصلاة والسلام أقوى على نفسه، وأشد في عزمه من أحاسيس المقززين، كما كان تواضعه يأبى عليه أن ينفرد بشيء عن سائر المسلمين. وفي رواية للطبراني في هذا الحديث أن العباس قال له: إن هذا قد مرث (أي أصابته الأيدي) أفلا أسقيك من بيوتنا؟ قال: "لا، ولكن اسقني مما يشرب منه الناس".

هل في هذا الحديث شيء من قدسية زمزم؟ لا. كل ما فيه ما قاله ابن حجر فيه الترغيب في سقي الماء، خصوصا ماء زمزم، وفيه تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وكراهة التقذر والتكره للمأكولات والمشروبات، وأن الأصل في الأشياء الطهارة، لتناوله صلى الله عليه وسلم من الشراب الذي غمست فيه الأيدي.


أما صحيح مسلم فأبرز ما ورد فيه عن زمزم حديث أبي ذر: "أنها طعام طعم" ومعنى "طعام طعم" أي يشبع من تناوله.

وروى أحمد وابن ماجه عن جابر حديث: "ماء زمزم لما شرب له". قال صيارفة الحديث: وفي إسناده عبد الله بن المؤمل، وقد تفرد به، وهو ضعيف وأعله ابن القطان به. وقد رواه البيهقي من طريق آخر عن جابر. وفيها سويد بن سعيد، وهو ضعيف جدا، قال فيه يحيى بن معين: "لو كان لي فرس ورمح لغزوت سويدا" وذلك لما يرى من خطره على الحديث. وروايته للمناكير.

روى الدارقطني عن ابن عباس حديث: "ماء زمزم لما شرب له، إن شربته تستشفي شفاك الله، وإن شربته لشبع أشبعك الله، وإن شربته لقطع ظمأ قطعه الله… الحديث" والصحيح أن هذا الحديث من قول ابن عباس نفسه، وليس مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد خطأ الحافظ في (التلخيص) الراوي الذي رفع الحديث إلى الرسول، وحكم على روايته بالشذوذ، ومخالفة الحفاظ الثقات. وإذا كان هذا قول ابن عباس رضي الله عنهما، فهو مجرد رأي شخصي رآه، لا يلزمنا اتباعه، ولا الإيمان به معه، ولا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.


روى البزار عن أبي ذر حديث: "ماء زمزم طعام طعم وشفاء سقم" وصحح المنذري إسناده ورواه كذلك الطيالسي في مسنده.

ولعل هذا هو الحديث الفذ الذي يمكن أن يستند إليه في شأن زمزم ومائها وأنه طعام وشفاء، ولكن هل يعني هذا الحديث حمايتها من الخضوع للقوانين العامة في الكون، وهل ينفي أن يعرض لها التلوث بسبب ما، وفق سنن الله المطردة؟ وإذا أثبت التحليل العلمي الصحيح أن ماءها قد اعتراه تلوث يخشى ضرره على الشاربين، فهل نكذب نتيجة العلم اعتقادا منا أنه ينافي هذا الحديث؟ والحديث ليس قطعي الدلالة ولا الثبوت، وبخاصة أن كلمة "شفاء سقم" لم ترد في أحد الصحيحين ولا في كتاب من كتب السنة المعتمدة.

وقد قال الله عن العسل: (فيه شفاء للناس) ولا يمنع ذلك أن يصيبه التلوث.


الشرب من زمزم ليس واجبا ولا سنة من سنن الحج


وهناك أمران لابد أن نقررهما في هذا المقام:


أولهما: أن الشرب من ماء زمزم ليس من مناسك الحج أو سنته في أي مذهب من المذاهب المعروفة لدى المسلمين، بل قد نقل أن عبد الله بن عمر لم يكن يشرب من ماء السقاية في الحج -مع شدة تمسكه بالسنن واتباعه للآثار- [وقد] علل هذا منه بأنه خشى أن يظن الناس أن ذلك من تمام الحج.

وقد استدل بعضهم على استحباب الشرب من ماء زمزم بأحاديث شربه عليه السلام منها. ودفع هذه آخرون بأن الشرب أمر جبلي، فلا يدل على الاستحباب إذ لا تأسى في الأمور الجبلية.


والأمر الثاني: أن هذا الذي قررنا إنما هو لذات العلم، أما زمزم فيكفي ارتباطها في أنفسنا بذكريات عزيزة تمتد إلى أبوينا إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام.

ولم يثبت عندي بطريق موثوق به أن ماءها قد تلوث فعلا، وعلى السلطات الصحية في (السعودية) والبلاد الإسلامية أن تتضافر على حماية هذه البئر من كل ما يشوبها، وقاية للصحة، وتجنبا للشكوك والشبهات حول شيء تهفو إليه قلوب المسلمين.


القرضاوي (نقلًا عن موقعه)


مغالطات اللادينيين

اقرأ المزيد »

الخميس، 16 يوليو 2020

هل هناك تناقض في تشكل الجنين بين القرآن والعلم؟

0

[...] ادعاء وجود خطأ في مراحل تشكل الجنين:

يدعي البعض عدم توافق ما جاء في القرآن حول تشكل الجنين مع معطيات العلم الحديث، الآيات التي يركز عليها هؤلاء غالبا هي:

(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون: 12-14)

[...] يذهبون إلى أقوال المفسرين عبر عصور مختلفة ليثبتوا تناقضها مع المعطيات العلمية، والمفسرون في كل عصر يقرؤون القرآن ويتفاعلون معه حسب علوم عصرهم ومعارفه، وبالتأكيد تتغير هذه المعارف مع مرور الوقت وتتطور، ويكون هناك تناقض كبير فعلا بين معارف القرن السابع الميلادي، ومعارف القرن الواحد والعشرين وهو أمر طبيعي، لكن الخلط بين أقوال المفسرين والنص القرآني (الذي يقوم به الكثير من المتدينين) هو الذي يسهل على من يريد أن يتصيد ليروج لوجود تناقض بين القرآن والعلم أن يجد ضالته...

ما الذي وجدوه هنا؟

أولا - أن الآية تجاهلت الدور البيولوجي للمرأة في عملية تشكل الجنين داخل رحمها، ولم يشر إلا إلى دور الرجل عبر ذكر (النطفة).. علما أن القرآن لم يقل أن النطفة هي للرجل أو للمرأة، بل قال النطفة فقط، والنطفة يمكن أن تكون للاثنين معا.. ولغة في لسان العرب هي القطرة من أي سائل.

ثانيا - أن العلقة هي (تجلط دموي) والجنين لا يكون جلطة دموية في أي مرحلة من مراحله، والعلقة (في لسان العرب) هي أي شيء عالق سواء كان تجلطا دمويا أو بويضة مخصبة معلقة في جدار الرحم.. وهم مرة أخرى يذهبون إلى المعارف السائدة في عصور المفسرين (لا إلى النص نفسه) من أجل إثبات تناقض بين العلم والقرآن.

ثالثا - أن الآية تقول أن العظام تتشكل قبل العضلات بينما نشوء العضلات يكون أسبق.. الآية لا تقول هذا، الآية أشارت إلى "إكساء" العظام باللحم (العضلات) ولكنها لم تقل متى خلق اللحم، قبل أو بعد أو شيء له علاقة بالتسلسل.

[...]

في نفس الموضوع يذهب الملحدون إلى أحاديث نبوية يفهم منها أن نفخ الروح في الجنين يحدث بعد 120 يوما من التلقيح، ويقررون بعدها أن نفخ الروح هو عمل القلب، والقلب يبدأ عمله في الجنين في الأسبوع الخامس أو السادس تقريبا، فيصرخون: تناقض!

 أولا - هذا الحديث هو حديث صحيح ولكنه حديث آحاد أي أنه خاضع لموضوع ظنية الثبوت [...] الذي يجعلنا نتحفظ في أخذ كل ما ذكر في الحديث بحرفيته عندما تقود الحرفية إلى تصادم مع حقيقة علمية.

ثانيا - من قال أن الروح تعني دقة القلب؟ ربما هناك كثيرون يعتقدون ذلك -من ضمنهم مفسرون كبار-، لكن الحديث لم يقل ذلك، بل إن النص القرآني قال أن الروح من أمر ربي في إشارة إلى عدم جدوى الخوض فيها (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) (الإسراء: 85)

أحمد خيري العمري، ليطمئن عقلي: ص312-314

اقرأ المزيد »

السبت، 6 يونيو 2020

من خُلق أولًا السماء أم الأرض حسب القرآن الكريم؟

0
جاء في القرآن الكريم آيات يشير ظاهرها إلى أن الأرض خلقت قبل السموات، ومن هذه الآيات [...] قوله تعالى في سورة البقرة: "هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ". ومنها قوله تعالى في سورة فصلت: "قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ۚ ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ. وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ. ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ [...]". وجاءت فيه آيات أخرى يشير ظاهرها إلى عكس هذا، وهو أن السموات خلقت قبل الأرض، ومن هذه الآيات قوله تعالى في سورة النازعات بعد ذكر بناء السماء: "وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا" والمفسرون -جريًا على ما اعتادوا من محاولة أخذ كل شيء من القرآن، أو على اعتقاد أن القرآن يدل على كل شيء "تشريعي أو كوني"- نظروا في هذه الآيات من ناحية دلالتها على تاريخ الخلق بين السموات والأرض أيهما خلق قبل الآخر؟ ولما لم يكن في شيء من هذه الآيات كلها دلالة قطعية على أحد الأمرين، اختلفوا في الفهم والرأي، فذهب بعضهم إلى تقدم خلق الأرض مستدلين بآيتي البقرة وفصلت، إذ ذكرت فيهما تسوية السماء سبعًا بعد خلق الأرض بكلمة "ثم" الدالة على تأخر زمن ما بعدها عن زمن ما قبلها. وذهب آخرون إلى تقدم خلق السموات، مستدلين بآية النازعات إذ ذكر فيها بعد بناء السماء دحو الأرض بكلمة "بعد" وهي ظاهرة في التأخر الزمني، ولم يترك أحد الفريقين استدلال الآخر دون أن يناقشه ويرد عليه، فتبادلوا الرد والمناقشة، ثم الرد والمناقشة، وهكذا تركت المسألة في كتب التفسير دون أن يجد الناظر فيها ما يطمئنه على اعتقاد أحد الرأيين.

خلق السموات والأرض للنظر والاستدلال على قدرة الله:

والحق الذي نؤمن به أن القرآن لم يعرض لخلق السموات والأرض وما أودع فيهما إلا تنبيها للعقول على النظر فيهما، والاستدلال بهما على قدرة الله، وعموم علمه وتمام حكمته، ومنابع نعمه ورحمته، وأنه لم يكن من مهمته شرح حقائق الكون، ولا بيان تاريخ الخلق بين السموات والأرض، وإنما مهتمه توجيه الإنسان إلى أدلة الإيمان الواضحة، وإلى أن يحاول المعرفة لما وراء ظواهر الكون بما يتاح له من طرق البحث، قيامًا بحق إنسانيته العاقلة المفكرة.

الوقوف عند حدود ما صرح به القرآن:

نعم. إن ما جاء في القرآن من ذلك صريحا يجب الوقوف في الإيمان به عند ما صرح به القرآن، وذلك مثل أن الكون كان شيئا واحدا ثم فصل الله بالخلق والتقدير، وهم من صريح قوله تعالى في سورة الأنبياء: "أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ". أما البحث وراء ذلك: من كيفية الفتق وعوامله وتاريخه وتاريخ أجزائه، ووضع كل جزء في مكانه مما لم يدل عليه نص قرآني صريح، فهو من مهمة البحث العقلي الذي وكل إلى الإنسان. ولا ينبغى التماس حقيقته من ظواهر القرآن التي سيقت للاستدلال بها على قوة الله، ولفتح أبواب البحث والمعرفة أمام الناس، ومن هذا تقدم خلق الأرض على السموات أو العكس وإذن. فعلى من يريد ذلك أن يلتمسه من بحوث العقل البشري، فيأخذ على ما قام عليه الدليل لا بما يحكيه القصاصون والإسرائيليون.


محمود شلتوت من كتاب "الفتاوى: دراسة لمشكلات المسلم المعاصر في حياته اليومية العامة" من ص424 إلى ص426.

اقرأ المزيد »

الثلاثاء، 3 ديسمبر 2019

هل ناقض القرآن العلم بقوله أن الشمس تغرب في عين حمئة؟

0
استشكل البعض ما ورد في سورة الكهف، في سياق الحديث عن رؤية الملك ذي القرنين الشمس وهي تغرب في عين حمئة، وذلك في قوله: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا} (الكهف: 86)، فتساءلوا كيف تغرب الشمس في عين صغيرة على الأرض وهي نجم عظيم يدور في السماء؟

لا ريب أن القول بغياب الشمس في عين أو بحر بعيد كل البعد عن أبسط معارفنا العلمية التي قررها القرآن منذ زمن بعيد؛ فقد ذكر القرآن أن الشمس والقمر والأرض كواكب أو نجوم تسبح في أفلاكها في السماء {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (الأنبياء: 33)، فلكل فلكه الخاص الذي لا يتداخل مع فلك غيره، فكيف يسوغ - بعد ذلك - أن ينسب إليه القول بغروب الشمس في عين من عيون الأرض.

إن هذا القول أبعد ما يكون عن لفظ القرآن ومعناه، ولو كان هذا الفهم المغلوط مرادًا؛ لوجب أن تشرق الشمس من نفس المحل وعلى نفس القوم الذين غربت عليهم، وهو ما لا يظنه عاقل، ولو صغرت سنه، وهو ما ينفيه القرآن في نفس السياق، إذ بعد غياب الشمس انطلق ذو القرنين تجاه مشرقها {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا} (الكهف: 89 - 90).

القرآن في هذه الآية وصف ما تبدى لذي القرنين ساعة الغروب، حيث {وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ}، ولم يقل القرآن: إن الشمس تغرب في تلك العين.
ومثل هذا كمثل ما يراه الناظر من غروب الشمس في البحر أو خلف جبل، فهو يجدها كذلك فيما يتبدى له، وهي في حقيقتها ليست كذلك.

وهذا الفهم للآية ليس تأولًا لها في عصر العلم، بل هو قول معروف تداوله العلماء منذ قرون طويلة، فقد نقل القفال (تـ 507هـ) عن العلماء قولهم في تفسير هذه الآية: "ليس المراد أنه انتهى إلى الشمس مغربًا ومشرقًا حتى وصل إلى جرمها ومسها، لأنها تدور مع السماء حول الأرض، من غير أن تلتصق بالأرض، وهي أعظم من أن تدخل في عين من عيون الأرض، بل هي أكبر من الأرض أضعافًا مضاعفة، بل المراد أنه انتهى إلى آخر العمارة من جهة المغرب ومن جهة المشرق، فوجدها في رأي العين تغرب في عين حمئة، كما أنا نشاهدها في الأرض الملساء كأنها تدخل في الأرض، ولهذا قال: {وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا}، ولم يرد أنها تطلع عليهم بأن تماسهم وتلاصقهم".

وقال الرازي: "ثبت بالدليل أن الأرض كرة، وأن السماء محيطة بها، ولا شك أن الشمس في الفلك، وأيضًا قال: {وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا} ومعلوم أن جلوس قوم في قرب الشمس غير موجود، وأيضًا الشمس أكبر من الأرض بمرات كثيرة فكيف يعقل دخولها في عين من عيون الأرض، إذا ثبت هذا فنقول: تأويل قوله: {تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} من وجوه:

الأول: أن ذا القرنين لما بلغ موضعها في المغرب ولم يبق بعده شيء من العمارات وجد الشمس كأنها تغرب في عين وهدة مظلمة، وإن لم تكن كذلك في الحقيقة، كما أن راكب البحر يرى الشمس كأنها تغيب في البحر إذا لم ير الشط، وهي في الحقيقة تغيب وراء البحر، هذا هو التأويل الذي ذكره أبو علي الجبائي في تفسيره

الثاني: أن للجانب الغربي من الأرض مساكن يحيط البحر بها، فالناظر إلى الشمس يتخيل كأنها تغيب في تلك البحار".

وقال ابن كثير: "{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ} أي: فسلك طريقًا حتى وصل إلى أقصى ما يسلك فيه من الأرض من ناحية المغرب، وهو مغرب الأرض. وأما الوصول إلى مغرب الشمس من السماء فمتعذر، وما يذكره أصحاب القصص والأخبار من أنه سار في الأرض مدّة والشمس تغرب من ورائه فشيء لا حقيقة له. وأكثر ذلك من خرافات أهل الكتاب، واختلاق زنادقتهم وكذبهم.
وقوله: {وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} أي رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله، يراها كأنها تغرب فيه، وهي لا تفارق الفلك الذي هي مثبتة فيه لا تفارقه.

ومازال هذا المعنى مشهورًا عند العلماء في القديم والحديث [...].

كتاب: تنزيه القرآن الكريم عن دعاوى المبطلين لمنقذ السقار، ص195 - 197
اقرأ المزيد »

الجمعة، 1 مارس 2019

هل من نقطة التقاء ممكنة بين الدين ونظرية التطور؟

0

يعتقد البعض أن التعارض ليس حتميًّا كما يبدو للأغلبية. على الأقل هناك من لا يرى التعارض بهذه الحدة.

الأمر بالنسبة لهم يعتمد على: من أين ترى قصة الخلق كما وردت في النصوص الدينية، ومن أين تراها كما ترويها نظرية التطور؟

يمكنك أن تتعامل مع النصوص الدينية كما لو كانت تعطيك الصورة الكبيرة، الشاملة..

الصورة الكبيرة تقول لك إن الله خلق السماء والأرض وكل ما بينهما، ثم من الطين خلق الإنسان [...].

نظرية التطور تعطيك التفاصيل البيولوجية، التفاصيل الصغيرة التي لا تراها عندما تقف من بعيد لترى الصورة الكبيرة.. وهي لا تقول إن الانتقاء الطبيعي هو الخالق -ولكنها توضح واحدة من الآليات التي يمكن أن نفهم أن الخلق تم عبرها.

كمثال: أنت في المطعم وطلبت وجبة طعام ووصلتك ساخنة وشهية. أنت تعرف عمليًّا أن الطباخ هو الذي أعدها.. وأن هناك من ساعده في ذلك.. وأن هناك من تسوق وانتقى مكوناتها.. وأنت تعرف بعد كل ذلك أنها دخلت الفرن لتنضج وتكون كما تريد.

لكنك بعد كل هذا لن تعتقد أن الفرن هو الذي صنع لك طعامك.

بل تعرف أن الفرن كان مجرد وسيلة، وأن الطباخ ومن معه هم الذين صنعوا الطعام من مواد أولية متوفرة في الطبيعة أصلًا.

الانتقاء الطبيعي هو مثل الفرن في هذا المثال.. مجرد وسيلة وأداة، ولله المثل الأعلى، فهو ليس فقط من صنع الفرن ووضع درجة حرارته على النحو المناسب ووضع المواد الأولية بالنسب المطلوبة بل إنه من خلق المواد الأولية أصلًا.

بطبيعة الحال مثال وجبة الطعام مجرد مثال، فالخلق لم يحدث مرة واحدة، بل عبر سلسلة طويلة من عمليات الطبخ -أو الانتقاء الطبيعي المتتالية.. إلى أن وصلت هذه العمليات إلى الإنسان الأول.

مثال آخر: إذا سألك ابنك الصغير السؤال التقليدي كيف يأتي الأطفال إلى العالم؟ وأجبته بأنهم يأتون عندما يتزوج الأم والأب، فإنك عمليًّا لا تكذب.. لكنك تقول (الصورة الكبيرة) المناسبة لطفلك.. وهذا لا يتعارض مع التفاصيل البيولوجية المتعلقة بعملية تكون الجنين.

الأمر يشبه أن فيلمًا صُوِّر لتاريخ نشوء المخلوقات على الأرض، الفيلم يعرض بسرعة فائقة جدا لحين ظهور الإنسان، عندها تبدأ سرعة الفيلم بالتباطؤ وتصبح عادية تماما.

كل ما سبق ظهور الإنسان كان سريعا جدا، لذا فهو بدا لنا كهُنَيهَة ولم نر أي تفاصيل. شاهدنا الأرض والجبال والمحياطات والبحار والقارات تتكون وتتغير أشكالها سريعا ومرت فترة تطور الكائنات الحية وتنوعها والانتقاء الطبيعي بسرعة جدا بحيث لم نلحظ شيئا..

النصوص الدينية تقدم لنا الأمر على هذا النحو.. تبدأ لنا من تاريخ وجودنا نحن "كنوع إنساني".

نظرية التطور تحاول أن تبطئ الفيلم.

حسب وجهة النظر هذه: لا تعارض حقيقي بين العرضين. حتى لو رأينا مشكلة هنا أو هناك في الفيلم عندما عاد إلى السرعة الطبيعية، فإن هذا لا يكفي لإلغائه بالمرة.

ليس هذا فقط، فالبعض يجد في الكثير من آيات القرآن ما يدعم فكرة التطور في مجملها..

(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ) (العنكبوت: 20).

فهنا ثمة إشارة إلى البحث في الأرض عن أصل الخلق وطريقة نشوء المخلوقات دون الاكتفاء بما ورد في القرآن..

(وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا) (نوح: 14)

(وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ ۖ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ ۚ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (النور: 45).

(وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) (الأنعام: 98)

(وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) (الأنبياء: 30).

بل إن سؤال الملائكة الشهير (قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (البقرة: 30) يمكن أن يُنظر إليه في ضوء الانقتاء الطبيعي القاسي الذي كانت كل المخلوقات تعيش فيه دون دستور أخلاقي غير قانون البقاء للأقوى إلى تلك المرحلة.

بالنسبة للمؤمنين بالله وبالانتقاء الطبيعي، فهذا الاخير ليس سوى آلية من آليات الله في خلقه.. جزء من سننه وقوانينه التي لا يمكن أن تكون بديلة له..
وربما من المهم أن أذكر هنا أن النظرية في اول انتشارها في أوروبا كانت تُتهم من قبل معارضيها بأنها "محمدية" ربما لأن فكرة التطور "بشكل عام" كانت موجودة في التراث الإسلامي، حيث أشار لها غير واحد من فلاسفة المسلمين مثل (الجاحظ) و(إخوان الصفا) و(ابن خلدون).

[...] 

الخلاصة في كل هذا: ليس من المطلوب منك كمؤمن أن تصدق بنظرية التطور إن كان الأمر لا يعنيك ولا يشكل لك أزمة، نظرية التطور ليست من أركان الإيمان ولا فروعه ولن تكون كذلك بالتأكيد.. لكن إن آمن آخرون بها وجمعوا بينها وبين إيمانهم بالله، فمن الخطأ جدا أن تحاربهم وتحارب ما يؤمنون به..


أحمد خيري العمري؛ ليطمئن عقلي؛ ص178-180 وص183


طالع أيضًا:
آدم بين نظرية التطور وقصة الخلق
اقرأ المزيد »

| مقطع مرئي |