الخميس، 16 يوليو 2020

هل هناك تناقض في تشكل الجنين بين القرآن والعلم؟


[...] ادعاء وجود خطأ في مراحل تشكل الجنين:

يدعي البعض عدم توافق ما جاء في القرآن حول تشكل الجنين مع معطيات العلم الحديث، الآيات التي يركز عليها هؤلاء غالبا هي:

(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون: 12-14)

[...] يذهبون إلى أقوال المفسرين عبر عصور مختلفة ليثبتوا تناقضها مع المعطيات العلمية، والمفسرون في كل عصر يقرؤون القرآن ويتفاعلون معه حسب علوم عصرهم ومعارفه، وبالتأكيد تتغير هذه المعارف مع مرور الوقت وتتطور، ويكون هناك تناقض كبير فعلا بين معارف القرن السابع الميلادي، ومعارف القرن الواحد والعشرين وهو أمر طبيعي، لكن الخلط بين أقوال المفسرين والنص القرآني (الذي يقوم به الكثير من المتدينين) هو الذي يسهل على من يريد أن يتصيد ليروج لوجود تناقض بين القرآن والعلم أن يجد ضالته...

ما الذي وجدوه هنا؟

أولا - أن الآية تجاهلت الدور البيولوجي للمرأة في عملية تشكل الجنين داخل رحمها، ولم يشر إلا إلى دور الرجل عبر ذكر (النطفة).. علما أن القرآن لم يقل أن النطفة هي للرجل أو للمرأة، بل قال النطفة فقط، والنطفة يمكن أن تكون للاثنين معا.. ولغة في لسان العرب هي القطرة من أي سائل.

ثانيا - أن العلقة هي (تجلط دموي) والجنين لا يكون جلطة دموية في أي مرحلة من مراحله، والعلقة (في لسان العرب) هي أي شيء عالق سواء كان تجلطا دمويا أو بويضة مخصبة معلقة في جدار الرحم.. وهم مرة أخرى يذهبون إلى المعارف السائدة في عصور المفسرين (لا إلى النص نفسه) من أجل إثبات تناقض بين العلم والقرآن.

ثالثا - أن الآية تقول أن العظام تتشكل قبل العضلات بينما نشوء العضلات يكون أسبق.. الآية لا تقول هذا، الآية أشارت إلى "إكساء" العظام باللحم (العضلات) ولكنها لم تقل متى خلق اللحم، قبل أو بعد أو شيء له علاقة بالتسلسل.

[...]

في نفس الموضوع يذهب الملحدون إلى أحاديث نبوية يفهم منها أن نفخ الروح في الجنين يحدث بعد 120 يوما من التلقيح، ويقررون بعدها أن نفخ الروح هو عمل القلب، والقلب يبدأ عمله في الجنين في الأسبوع الخامس أو السادس تقريبا، فيصرخون: تناقض!

 أولا - هذا الحديث هو حديث صحيح ولكنه حديث آحاد أي أنه خاضع لموضوع ظنية الثبوت [...] الذي يجعلنا نتحفظ في أخذ كل ما ذكر في الحديث بحرفيته عندما تقود الحرفية إلى تصادم مع حقيقة علمية.

ثانيا - من قال أن الروح تعني دقة القلب؟ ربما هناك كثيرون يعتقدون ذلك -من ضمنهم مفسرون كبار-، لكن الحديث لم يقل ذلك، بل إن النص القرآني قال أن الروح من أمر ربي في إشارة إلى عدم جدوى الخوض فيها (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) (الإسراء: 85)

أحمد خيري العمري، ليطمئن عقلي: ص312-314

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

| مقطع مرئي |

اكتب عنوان بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا: