الأحد، 16 سبتمبر 2018

الله يجري إرادته بالأسباب والمسببات

يظن البعض أنه إذا دعى الله فينبغي أن تحصل معجزة ما حتى يتأكد أن الله استجاب لدعائه، بينما في الحقيقة ربما يستجيب الله دعاءنا من خلال الأسباب الملموسة والنواميس الكونية التي خلقها، ولا تستلزم إجابة الدعاء خارقة خارج نواميس الكون.


فكرت بهذا حين كنت أقرأ سورة القصص، بداية قصة موسى... في عمق الآيات وتأثيرها يشعر المرء بشيء أشبه بالمعجزة، وهو أن موسى عليه السلام لم يُقتل... كلا... بل بقي حيا بين يدي فرعون قاتل أطفال بني إسرائيل، رغم أن اليم ألقى بالتابوت الذي يحمل موسى عند قصر فرعون وصار موسى الرضيع بين يديه!

تكاد تكون معجزة هذه! لكن لما فكرت وجدت أن الله أجرى إرادته ولم يُقتل موسى ولكن ليس من خلال معجزة تخترق العادة، رغم أن الله قادر على جعل السيف لا يجرح إن هم فكروا قتل موسى، قادر على أن يجعل كل من يهم بقتله تصاب يده بالشلل المفاجئ. 

الله سبحانه قادر على تلك المعجزات أو غيرها. ولكن انتبهت أنه سبحانه أجرى إرادته بأسباب موافقة لما نشاهده ونحلله ونألفه وليس بخوارق.

مثلا زوجة فرعون برقتها الأنثوية هي التي اقترحت أن يبقوا موسى حيا، فرعون لم يقترح هذا! وجود زوجة فرعون وقتها كان سببا. والنساء بطبيعتهن حنونات على الأطفال، وربنا سبحانه أجرى حكمته من خلال الأسباب المتوافقة مع الطبيعة، أن المرأة الحنونة هي اللي اقترحت وليس فرعون الجبار أو جنده...

لما تأملت شعرت أن لا تعارض بين الأسباب الكونية وبين أن أجرى الله قدره بأسبابه الكونية المعهودة الملموسة، أعني أني قد أدعو أن يشفيني الله من مرض ثم أذهب لطبيب ويصف لي الدواء المناسب وأشفى، فبالمفهوم المادي الصرف سأقول أن الدواء شفاني ولكن في الواقع أن الله هو الشافي وقد شفاني بالأسباب المادية التي خلقها سبحانه، بمعنى أنه ليس علي أن أعتقد أنه يجب أن أشفى بمعجزة فجأة هكذا أنام وفي الصباح أجد نفسي شفيت حتى أقول أن الله استجاب لي!

وعندما يهلك الله قوما بزلزال، قد يأتي جيولوجي فيفسر الزلزال تفسيرا جيولوجيا، فيُتوهم تماما أن الزلزال كان لأسباب كونية بحتة، لكن لا تعارض... الله أجرى إرادته وانتقم من خلال الأسباب الملموسة والنواميس الكونية المعهودة، مثلما لم يكن هناك تعارض بين إنقاذ الله لموسى من خلال حنان الإناث المعهود.... 

ثم أني رأيت ذات مرة امرأة هرمة طاعنة في السن، وكانت مريضة بمرض الموت، وإذ بابنتها تقول: ادعوا الله أن يشفي أمي... 

أعلم أن الله قادر على شفائها... ولكن... الله سبحانه قال:

(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) 

إذن هي سنة كونية في كون الله وعليّ احترامها والتوفيق بينها وبين إجابة الله للدعاء.

الخلاصة هي أني أشعر أننا نفصل أحيانا بين أفعال الله والأسباب الطبيعية التي وضعها الله في كونه، ونطلب معجزة خارقة حتى نرى يد الله... لا يا صاح... تأمل صنع الله وإجابته لدعوات عباده في نواميس كونه، فالله خالق السبب والمسبَّب، وهو الذي جعل هذا سبباً لهذا، والأسباب والمسبَّبات طوع مشيئته سبحانه.

هذا والله تعالى أعلى وأعلم ولسنا سوى مجتهدين.

فريق عالم الأكاذيب

طالع أيضا: هل يفعل الدعاء شيئًا دون أسباب؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

| مقطع مرئي |

اكتب عنوان بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا: