الاثنين، 30 نوفمبر 2015

كتاب: الذكاء وكيفية تحصيله: وأثر الثقافات والمدارس - ريتشارد نسبت


كيف نغرس مهارة التحكم في النفس في الأطفال؟ 

لا يخفى على أحد أهمية قدرة الإنسان على التحكم بالنفس وكيف أن هذه القدرة مرتبطة بشدة بقدرته على النجاح في حياته وآخرته. فكيف يمكن للآباء تنمية هذه المهارة لدى أطفالهم؟ وهل هناك من بحوث علمية في هذا المجال؟

البحوث الموجودة تقدم لنا بعضا من التلميحات والإشارات التي قد تكون مفيدة:

1/ الأطفال الذي يشاهدون الكبار الذين يكافئون أنفسهم بغض النظر عن آدائهم مهيؤون لأن يفعلوا نفس الشيء هم أيضا. ولكن لو شاهدوا الكبار يكافئون أنفسهم فقط على الآداء الذي يكون عالي الجودة فإنهم مهيؤون لفعل ذلك أيضا. يعني باختصار علمي طفلك بأفعالك وكوني قدوة حسنة له.

2/ من الخدع التي يمكن فعلها لجعل الطفل يؤجل المكافأة لوقت عاجل هو جعل الطفل يفكر في أفكار مرحة بدل التفكير في المكافأة نفسها.

3/ حين شجع الباحث الأطفال على وضع المكافأة بعيدا عن محل أنظارهم كانوا أكثر قدرة على التحكم في أنفسهم.

4/ على الآباء أن يبحثوا عن فرص لتشجيع أطفالهم على الصبر وإعطائهم اقتراحات تساعدهم على الصبر.

5/ على الآباء أن يحاولوا أن يظهروا تأخير مكافأة لأنفسهم أمام أطفالهم ليكونوا قدوة تجعل الطفل يقلدهم... فبعض من الأطفال الذين شاهدوا كبارا يأخذون المكافأة حالا وعاجلا دون انتظار وهم يقولون تعليقات على سياق: "أنا شخص يحب كل شيء في الحال!"، و"لماذا يضيع الشخص حياته في الانتظار؟!" حتى الأطفال الذين من طبعهم الأصلي تأجيل المكافآت لم يأجلوها بعدما شاهدوا هذه القدوة السيئة بتعليقاتها المتساهلة.

6/ من المهم جدا أن تعلمي طفلك بأن ذكاءه وقدراته تحت تحكمه هو وبأنها أمور يجب أن يعمل جادا كي يحصل عليها (علميه أن الذكاء مكتسب لا وراثي). من المهم أن تعلميه أن يحاول أكثر ويجتهد أكثر بعد الفشل. علميه أنه إن لم ينجح فمعناه أن عليه أن يبذل جهدا أكبر.

7/ ربما من السيئ أن تمدحي ذكاء طفلك، بدل ذلك امدحي جهده ومثابرته فهذه هي الأمور الوحيدة التي تحت تحكمه. عندما تمدحين ذكاءه فإنك ستجعلينه يركز على فعل أمور هو جيّد فيها وتجعلينه يتفادى فعل ما لا يجيده... وأيضا سيتفادى فعل ما يمثل تحديا بالنسبة له لأنه سيركز على ما يتقنه ليبدو ذكيا حين ينجزه! حين يفشل أو لا ينجح الطفل الذي يُمدح ذكاؤه فإنه معرض لأن يبرر هذا الفشل على قلة قدراته بينما الطفل الذي يُمدح لجده ومثابرته فيبرر فشله عادة على قلة جدّه وعلى أنه لم يعمل بما فيه الكفاية. الطفل الأول (عكس الثاني) معرض لأن يتوقف عن المحاولة فيما فشل فيه والتركيز على ما لم يفشل فيه!

8/ تفادي أن تعدي طفلك على مكافئته إن فعل أمورا هو مهتم في فعلها من الأصل أو يجدها ممتعة ولو قليلا. فقط اشكريه أو امدحيه على فعلها. لأنك بذلك تحولين العمل الي يستمتع به لوظيفة يحصل على راتب لفعلها وبالتالي في غياب الراتب لن يفعلها! طبعا من الجيّد أن تعدي طفلك بمكافئة لتشجيعه على فعل أمور لم يكن ليفعلها أو يجربها في غياب المكافئة. لكن دعيه يمارس ما يحب دون مكافئات.

طرق عملية لتنمية ‫‏مواهب وذكاء طفلك:

1/ عند شرح شيء ما لطفلك لا تكتفي بفعل الشيء أمامه وقول افعل هكذا أو لا تفعل هكذا، بل اشرحي له مقصدك بشكل واضح. مثلا إذا قلت له أمسك القلم هكذا وقمت أنت بإمساك القلم بيدك اليمنى أمامه قد يفهم طفلك أن المراد هو طريقة إمساك القلم -مثلا- مع أن قصدك هو إمساك القلم باليد اليمنى لذلك عليك أن تشرحي له مرادك من الكلمات بشكل واضح هذا بالإضافة للقيام بالفعل أمامه

2/ تكلمي مع طفلك كثيرًا، لا تتوقفي عن الكلام معه لإغناء عقله وذاكرته وموسوعته اللغوية، واستخدمي مفردات صحيحة وذات مستوى عال (لا تحدثيه بلغة الأطفال بعدما يكبر بل حدثيه كأنه بالغ)

3/ أشركي طفلك في محادثات الكبار

4/ اقرئي لطفلك كثيرا ومن أيام حياته الأولى، وليس فقط للتسلية ولكن لتشجيعه على ربط ما يراه في صفحات الكتاب وما يوجد في العالم الخارجي... مثلا: سمر عندها قطة. من ممن تعرفهم عندهم قطة؟ أو هذا أرنب! أين قرأنا عن الأرانب؟ ماذا يأكل الأرنب؟ 

شجعيه على تحليل ما يتم قراءته... مثلا: ماذا سيحصل فيما بعد؟ ماذا يريد عمر أن يفعل؟ لماذا يريد أن يفعل ذلك؟ ماذا كنت ستفعل لو كنت مكانه؟ ماذا كان يمكن أن يحصل لعمر لو لم يخبر الشرطي بما حصل؟

اسألي طفلك عن تقييمه للقصة... مثلا: أي حيوان تحب أكثر؟ لماذا تحبه أكثر؟

اسألي طفلك عن صفات الأشياء وعلميه كيف يصنفها حسب خصائصها... مثلا: أي الأشياء التي بالصورة طويل وأيها قصير؟

شجعي طفلك على أن يتحدث عن ما بالقصة وعلى أن يحكي قصصا استلهمها من القصص التي يقرؤها.

شجعيه على التفاعل معك أثناء القراءة واسمحي له بمقاطعتك والتعليق على القصة ومحتوياتها.

5/ قللي من التوبيخ واللوم وأكثري من التعليقات التي تشجعه على اكتشاف البيئة.

6/ تجنبي الضغوط غير اللازمة عليه. الضغوط يمكنها أن تؤدي لضعف القدرة على التعلم وحل المشاكل الجديدة ويمكنها أيضا أن تؤثر على الذاكرة (حسب بعض البحوث).

7/ علميه كيف يصنف الأشياء والحوادث وكيف يقارن بينها.

8/ شجعيه على أن يحلل ويقوّم الأشياء من حوله.

9/ أعطيه النشاطات التي تحفز على ‫التفكير بعد انتهائه من المدرسة وخلال أوقات الإجازات (يجب أن يُمرن ‫العقل حتى في الإجازات، لأن فترات الإجازات قد تؤدي للخمول العقلي)

10/ حاولي أن تجعليه يصاحب أصدقاء ينمون الاهتمامات الفكرية عنده

11/ النساء اللاتي يمارسن ‫الرياضة لعشرين دقيقة عدة مرات في الأسبوع يلدن أطفالا أكبر حجما! الأطفال الكبار في الحجم أكثر صحة ناهيك على أنهم عادة ما يكونون أكثر ذكاء! علما أن ممارسة الرياضة مفيدة جدا للأم وللطفل معا

12/ أرضعي طفلك وتفادي استخدام الحليب الاصطناعي قدر الإمكان (نعم ‫الرضاعة تؤثر بشكل إيجابي على الذكاء)

13/ دعيه يلعب بألعاب الكمبيوتر -باعتدال- التي تعلّم التحكم في التركيز والانتباه لأنها تزيد من الذكاء... مثلا: لعبة بها دائرتين يجب أن يضغط على الدائرة فقط حين يتحول لونها للأخضر وليس للأحمر... مثل هذه الألعاب تزيد من تركيزه وتقلل من أخطائه في أعماله الأخرى.

14/ أعطيه التمارين التي تشغـّل ذاكرة العمل لديه... مثلا: اقرئي أرقاما متتالية على الطفل واطلبي منه أن يعيدها من الأخير (تنازليا)... مثلا: 59274 واطلبي منه أن يعيدها بالترتيب العكسي.

15/ ابذلي قصارى جهدك كي تضعي طفلك في فصول تحتوي على أفضل الأساتذة خصوصا في سنواته الأولى وتجنبي الأساتذة الجدد عديمي الخبرة. إن كانت المدرسة لا تستخذم برامج الكمبيوتر لتعليم الرياضيات والعلوم فحاولي أن تحصلي على مثل هذه البرامج.


المصدر:

كتاب: الذكاء وكيفية تحصيله: وأثر الثقافات والمدارس، ريتشارد نسبت
Intelligence and How to Get It Book by Richard E. Nisbett


طالع أيضا:

هناك تعليق واحد:

  1. الانشغال يكون أسهل على الدماغ من الانتظار، (مسالك الانتظار والمقاومة في الدماغ ضعيفة أمام المغريات) لذلك يفضّل إشغال الطفل أيضا، بما ينفعه ويغتنم وقته به، ويكفيه معاناة التركيز على الانتظار
    (حسن.خ)

    ردحذف

قل خيرًا أو اصمت: (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)

| مقطع مرئي |