الخميس، 1 يونيو 2023

تفسير الزلازل بالغضب الإلهي والمعصية


أصحاب تفسير الزلازل بالغضب الإلهي والمعصية.


يمكن التحقق من هذا الادعاء بمقارنات إحصائية بسيطة.


الصورة [...] تعبّر عن ضحايا الزلازل في كلّ من "الشّيلي" "اليابان" و"تركيا" على امتداد قرن من الزمان. النقاط تعبر بحجمها عن عدد الضحايا.


عندنا فرضيتان:


1- الزلازل متعلقة بمعاصي العباد، ممّا يعني أن الأكثر معصية وكفرا من المجتمعات ستكون ضحاياها أكبر وتركيز الزلازل فيها أشدّ.


2- الزلازل مثلها مثل أيّ كارثة طبيعية (كالمرض مثلا) كلما استعدّ لها الانسان وقلّل من أضرارها بالعلم سيتخلّص من حتميّتها نسبيا، بصرف النظر عن "علاقته بالله".


الفرضية الأولى ساقطة تماما نظرا لأن اليابانيين بين لاديني أو وثني في نظر أصحاب هذه الفرضية، والشيلي أغلبهم مسيحيون، وهم مع ذلك أكثر حظا من السوريين والتركيّين المسلمين، والمسلم وإن كان "عاصيا" فهو أفضل من لاديني أو وثنيّ!


ثم إننا نلاحظ أن الضحايا كان بعشرات الآلاف في أوائل القرن العشرين في الشيلي واليابان، فجأة منذ عام 1950 بدأت الضحايا تتقلص، ولم تتقلّص ضحايا تركيا..

فهل يعني هذا أنهم كانوا عصاة مغضوبا عليهم، ثم بدؤوا بالتوبة منذ ذلك الحين، أما التركيين استمروا في ارتكاب المعاصي؟!

أم ببساطة، الدلالة الإحصائية تشير إلى أنّ تقلص الضحايا ناتج عن فهم ظاهرة الزلزال وتطور تقنيات التعامل معها.. وهذا الدليل الإحصائي دليل دامغ على ارتباط مدى فهم وتقانَة الإنسان بأثر الكوارث عليه.

إذ لو كان الارتباط متعلقا ب"علاقة العباد بالله" لكان الإحصاء معكوسا، في تركيا أقل وفي الشيلي واليابان أكثر..


لذا... وحدها النظرية الثانية تبقى متماسكة، وهي تبيّن صلابة البنيات التحتية واحتكام السياسات للعلم والتقنية للتقليل من الكارثة، في مقابل بلد معاييره متساهلة ومقاوِلوه غشاشون، تسببوا في موت الآلاف بدل المئات فقط


وسط كل العلوم والأدلة... يبدو للبعض بأن الحديث عن الله وعقابه أمر هيّن معتقدين تعظيمه والدفاع عنه.. ولا شيء يمكنه أن ينسف خطابهم المتناقض بشكل سخيف مع المعطيات الواقعية... ومن يشكك في طريقة تفكيرهم يتّهمونه بقلة اليقين وبالانبطاح للغرب وعلومه!!


حسن خالدي (نقلًا عن صفحته بالفايسبوك)


طالع أيضا:

أخطاء منهجية واستدلالية في فهم الكوارث الطبيعية لدى المسلمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

| مقطع مرئي |

اكتب عنوان بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا: