من الشائع كثيرا في دولنا العربية الاكتحال بالكحل العربي التقليدي أو ما يسمى بكحل الإثمد، وتستخدمه النساء الكبيرات والصغيرات والمرضعات والحوامل، وهناك حتى من يكحل به عيون الأطفال والرضع!
لكن ذات يوم لفت انتباهي تعليق فايسبوكي من شخص يحذر الناس من استخدام كحل الإثمد ومخاطره الصحية العظيمة، فقمت بالبحث عن الأمر فوجدت هذا الشخص محقًا ووجدت الدراسات العلمية التي تحذر منه والتي قام فيها الباحثون بفحص عينات الكحل المتوفرة في الأسواق ليجدوا فيها نسبًا غير سليمة من الملوثات المحظورة وأبرزها مادة الرصاص (4، 5، 6).
ولا يخفى على أحد مخاطر التسمم بالرصاص على الكبار فما بالك لو تم الاستخدام من قبل الأطفال أو النساء الحوامل فيؤدي ذلك لإنجاب أطفال مصابين بالتخلف العقلي أو تأخر في النمو أو حتى الموت لا قدر الله.
وللأسف يتم الترويج لاستخدام هذه الأكحال بادعاء أنها سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم (3) وأنه كان يكتحل ويحث على الاكتحال، وروي أنه قال: (إِنَّ خَيْرَ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ)، لكن بحسب أهل العلم فإن ليس كل ما يمارسه الرسول صلى الله عليه وسلم من عادات تعارف عليها الناس في وقته يعتبر سنة وتشريعا يجب الاقتداء بها (1)، فالرسول ابن بيئته فلا يمنع أن يستخدم أو ينصح باستخدام ما هو شائع في وقته ويعتقده نافعًا لقومه، وقد فصلنا في هذا الأمر في مقالات عدة سابقة وضعنا بعضها في الهامش أسفله، واستخدام الكحل معروف من آلاف السنين ويستخدمه الناس للتجميل أو للعلاج وغيره وقد استخدمه فراعنة مصر وغيرهم (6)، وليس مختصا بالعرب وحدهم، فالأمر مجرد عادات تعارفت عليها الشعوب من قديم ولا يصح أن نعتبره تشريعا ودينا، هذا بفرض صحة نسبة الحديث للرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أنه من أحاديث الآحاد التي هي ظنية النسبة للرسول لا قطعية.
الخلاصة: لا يصح أبدًا استخدام كحل الإثمد المتوفر في الأسواق بعد ثبوت ضرره على الصحة، وعلى الحكومات أن تسارع في توعية الناس وسحبه من السوق ومنع استخدامه خصوصا في حق الأطفال الذين لا ذنب لهم.
والله أعلم.
المراجع
(2) الطب النبوي حقيقة أم خرافة؟
(3) فتاوى موقع الإسلام سؤال وجواب: كحل الإثمد ، تعريفه ، ومصدره ، وفوائده ، وضوابط استعماله للنساء والرجال
(4) Parry, C., & Eaton, J. (1991). Kohl: a lead-hazardous eye makeup from the Third World to the First World. Environmental Health Perspectives, 94, 121–123. https://doi.org/10.1289/ehp.94-1567936
(5) Filella, M., Martignier, A., & Turner, A. (2020). Kohl containing lead (and other toxic elements) is widely available in Europe. Environmental Research, 187, 109658. https://doi.org/10.1016/j.envres.2020.109658
(6) De Caluwé, J. (2009). Intoxication saturnine provoquée par l’usage prolongé de khôl, une cause sous-estimée dans les pays francophones. Journal Français D Ophtalmologie, 32(7), 459–463. https://doi.org/10.1016/j.jfo.2009.06.005
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
قل خيرًا أو اصمت: (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)