أهم الأفكار التي استنتجتها من الكتاب، مع بعض الاقتباسات منه:
-المسلم العامي يجتهد في دينه ويبحث عن الدليل ولا يقلد شيخا أو مذهبا بعمى.
-باب الاجتهاد لا يمكن أن يغلق والمتأخرون يمكن أن يكون فهمهم أفضل وأرقى لأنهم يبنون على المتقدمين.
-فهم القرآن ليس متعسرا على الناس وأي شخص يتقن العربية يستطيع أن يفهم القرآن ولا نقول للناس تحتاجون لوسائط لفهم كتاب ربكم: "لو أن أكثر الناس يعجزون عن فهم الدين مما يبلغ الرسول من كتاب يكتب ويتلى، وسنة يعمل بها، لما كلفهم الله إياه." (1)
-اختلافات الآراء بين المذاهب المختلفة من الأمور الظنية وليست من أصول الدين، وعلى كل شخص أن يتبع ما ارتاح له قلبه دون تعصب، ولضمان وحدة المسلمين الأفضل اتباع مذهب الإمام حين الصلاة بدل تشتيت المسلمين والتفرق إن اختلفت المذاهب.
-أحاديث الآحاد هي أكبر سبب للاختلافات التي نراها بين المسلمين، وهي ظنية وليست ملزمة لعموم المسلمين وإن جهلوها لأنه حتى الصحابة اختلفوا فيها وكانوا يجهلون عمومها: "إنه يعلم من أدلة المذاهب أن جل الأحاديث التي يحتج بها أهل الرأي وعلى القياسيين من علماء الرواية هي من أحاديث الآحاد التي لم تكن مستفيضة في العصر الأول، أو نقل عن الصحابة والتابعين خلاف في موضوعها، فعلم بذلك أنها ليست من التشريع العام الذي جرى عليه عمل النبي وأصحابه، وليست مما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبلغ الشاهد فيه الغائب، بل كانت مما يرد كثيرًا في استفتاء مستفت عرضت له المسألة، فسأل عنها، فأجيب: ولعله لو لم يسأل لكان في سعة من العمل باجتهاده فيها، ولكان خيرًا له وللناس، إذ لو كانت من مهمات الدين التي أراد الله تكليف عباده إياها لبينها لهم من غير سؤال، فإنه تعالى أعلم بما هو خير لهم." (2)
-أحكام الدين القطعية هي ما كانت بنفس درجة قطعية وصراحة تحريم الخمر، وما دون ذلك مما فيه مجال للاجتهاد لا يكلّف كل مؤمن بالأخذ به.
-الفقهاء الأوائل لم يلزموا الناس باتباع مذاهبهم، ولم يكونوا يعتبرون حكمهم حكم الله، بل هو رأي واجتهاد شخصي غير ملزم لأحد، واجتهاداتهم هذه هي استنباطات تبحث عن الاستحسان والمصالح على ضوء مبادئ القرآن والسنة وليست تشريعًا، بل أحيانا يخالفون الأحاديث إن رأو المصلحة في المخالفة: "والحق أن أكثر ما في كتب الفقه مسائل اجتهادية وآراء ظنية مستنبط بعضها من أقوال فقهائهم، أو من علل دقيقة من علل القياس ينكر مثلها أكثر علماء السلف الصالح، فهي تحترم كما يحترم ما يخالفها في المذاهب الأخر على سواء من باب احترام العلم واستقلال الرأي، وعدم جعل الخلاف ذريعة للعداوة والبغضاء في الأمة الواحدة المأمورة بالاتفاق والاعتصام.
ولكن لا يتخذ شيء منها من قواعد الإيمان، ولا يعد مخالفه كافرًا، ولا عاصيًا لله تعالى، سواء كان مستدلًا أو مقلدًا لغيره في مخالفتها، ولا يجعل ضعف شيء منها مطعنًا في أصل الشريعة كما يفعل ذلك بعض أعداء الإسلام، بل يستعان بمجموعها على التيسير على الناس." (4)
-وأخيرًا يدعو الكتاب لتوحيد المذاهب ونبذ الاختلاف وأن أصول الدين هي ما اتفق عليها أما الباقي فظن ولا يلزم أحد اتباعه: "ولا شيء من [الآراء المذهبية التي يتعصبون لها] بقطعي مجمع عليه، فمن مقتضى أصولهم كلهم وجوب ترك كل أسباب هذا التفرق والاختلاف، حتى قال الغزالي في "القسطاس المستقيم" بالاكتفاء بالعمل بالمجمع عليه، وعد المسائل الظنية المختلف فيها كأن لم تكن." (3)
الكتاب قيّم وفيه فائدة عظيمة، الشيء الذي لم يعجبني هو أسلوب طرح الأفكار على شكل نقاش أو سجال بين طرفين. لا أحب هذا الأسلوب وأفضل الأسلوب الإنشائي عليه.
آخر فصل (أو فصلين؟) من الكتاب كان رائعا تحدث فيه عن أحكام الطهارة والنجاسة من القرآن وأنه يكفي المسلم أن يكون نظيفا ويحرص على نظافته الشخصية والسلام بعيدا عن تعقيدات الفقهاء وأحكام الطهارة التي ألفت فيها المجلدات، وهذه كانت قناعتي من قبل. وتمنيت لو أفرد فصولا مثل ذلك لباقي الاختلافات والتعقيدات الفقهية.
أختم كلامي بهذا الاقتباس الأخير: "إننا نهينا عن السؤال عما لم يبين لنا، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) [المائدة: 101].
كل هذا كان قبل إكمال الدين، أفلا يكون بعد إكماله آكد وأولى؟ ولكننا لم نمتثل كل هذه الأوامر والنواهي، وأنشأنا نفرض مسائل، ونخترع لها أحكامًا، نستدل عليها بضروب من الآراء والأقيسة الخفية أو غير الخفية، وهي تتعلق بأمور العبادات التي لا مجال للعقل فيها، فوسعنا الدين بذلك، وجعلناه أضعاف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وأوقعنا المسلمين في الحرج والعسر المنفيين بنص القرآن ولا حجة لنا في هذا إلا تقليد بعض الفقهاء الذين فرضتم علينا اتباع ما يقولون، وإن خالف صريحًا ما يقول الله ورسوله." (5)
الصفحات التي وردت فيها الاقتباسات التي اقتبسناها من الكتاب:
(1) ص78، (2) ص220، (3) ص215، (4) ص218، (5) ص80-81
طالع أيضا:
الأصل في المعاملات الإباحة وتحذير من التساهل في إطلاق التحريم
عن الإكثار من الأسئلة والفتاوى
ما هو الإجماع؟ وهل هو ممكن أم مستحيل؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
قل خيرًا أو اصمت: (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)