الثلاثاء، 15 يوليو 2025

حقيقة مشاركة الشيطان الرجل في مباشرة زوجته


قال الله تعالى: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا) (الإسراء 64). 

ما معنى هذه الآية؟ 

وما معنى مشاركة الشيطان للإنسان في الأموال والأولاد؟ 

ستجد من يقول لك أن الشيطان يشارك الرجل في مباشرة زوجته!! وأن من لا يسمي الله قبل المعاشرة الزوجية يشاركه الشيطان في أولاده!! فيأتي الولد من ماء الرجل وماء الشيطان!! لذا وجب توخي الحذر والتأكد من قول بسم الله قبل العلاقة... إلخ. 

فما صحة هذه الادعاءات؟ 

لا يوجد دليل لا من القرآن ولا من السنة لا الصحيحة ولا حتى الضعيفة والموضوعة على هذه التخريفات والخزعبلات الغريبة وإن كان قد قال بها بعض العلماء فالكلام مردود عليهم ما دام بدون دليل وبينة وحجة!


هل يمكن للجن أن يتزوجوا بالإنس أو أن يعاشروهم؟

يقول الشيخ محمد الغزالي (2): "لم يرد في الكتاب ولا سنة أن إنسيا تزوج بجنية أو جنيا تزوج بإنسية، بل الذي ورد في القرآن الكريم هو قوله تعالى: ((إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم)) 

فإذا كان الجنسان لا يتراءيان فكيف يتزوجان؟ ولماذا نتصور زواج فيلة بجرو؟ أو ثور بسمكة؟ هذه أجناس مختلفة فما يجمع بينهما؟!
أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يجتمعان؟" اهـ.


ما معنى مشاركة الشيطان في الأولاد في آية الإسراء؟

يقول الشيخ محمد رشيد رضا في تفسيرها (1): "الاستفزاز: الاستخفاف، والإجلاب بالخيل والرجل: تمثيل لتسلط الشيطان على من يغويه كما رجحه الإمام الرازي، وذكره من قبله من المفسرين وجهًا، وأما المشاركة في الأموال والأولاد فجماهير المفسرين على أن المراد بها الإغواء بالحمل على كسب الحرام والتصرف والإنفاق في الحرام، وهذه الكلية التي ذكرها البيضاوي وغيره تشمل كل الجزئيات التي ذكرها بعضهم وزيادة. والإغواء بالحمل على التوصل إلى الولد بالسبب المحرم، والإشراك فيه كتسميته بعبد العزى، والحمل على العقائد الباطلة والأفعال القبيحة والحرف الذميمة. هذا ما قالوه واعتمدوه، ويمكن اختصاره بأن يقال: إن المشاركة في الأولاد عبارة عن الإغواء في أمر اختيار المرأة والاتصال بها، وفي كيفية تربية الولد؛ فمن يختار فاسدة الأخلاق والأعراق افتتانًا بجمالها أو يتصل إليها بالحرام، ويهمل هو وإياها تربية ولده العقلية والنفسية حتى ينشأ ضالاًّ فاسقًا فإنما يفعل ذلك بوسوسة الشيطان وإغوائه ومشاركته إياه في هذا الأمر العظيم وهو أمر الولد من أحدهما الوسوسة بالإغواء ومن الآخر اتباع الشهوة وسوء الاختيار. فالآية مبينة لمجامع وساوس الشيطان وإغوائه، والأمر فيها للتكوين كقوله تعالى للشيء: كن؛ أي تعلق إرادته بكونه ووجوده. وحاصل المعنى أن الله خلق الشيطان وكوّنه على هذه الصفة وهي الوسوسة وتزيين القبيح الضار في هذه الأمور، وهي لا تبين حقيقة الشيطان، وهل هو داعية للشر في النفس تقوى وتضعف بحسب الاستعداد، أو هي داعية خارجية كما هو الظاهر. وما نقله الخازن وغيره عن ابن عباس غير صحيح ولا يعقل إلا بكون الشيطان من عالم الحس له أعضاء كأعضاء الإنسان، وهو مخالف لنص القرآن. ولو صح لكان كل من يترك التسمية يشاركه الشيطان، فتجد امرأته النار الذي وجدته تلك المرأة وهو ظاهر البطلان." اهـ.

وبهذا يتبين معنى الآية الكريمة وعدم صحة ما ينتشر بين الناس من خرافات أضيفت لها.



المراجع

(1) فتاوى الإمام محمد رشيد رضا، ص256-257

(2) كتاب: (الشيخ محمد الغزالي: حياة وآثار، شهادات ومواقف) لنصر الدّين لعرابة.


طالع أيضًا:

الجن والعفاريت: تبيين الخرافة من الحقيقة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قل خيرًا أو اصمت: (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)

| مقطع مرئي |