الادعاء: شرب بول الإبل مفيد للصحة
الحقيقة: ادعاء من غير دليل
الرد المفصل على هذا الادعاء:
أولًا: ما مدى صحة الأحاديث التي تنسب للرسول (ص) في هذا المجال؟ هل أحاديث بول الإبل صحيحة؟
الحقيقة: ادعاء من غير دليل
الرد المفصل على هذا الادعاء:
أولًا: ما مدى صحة الأحاديث التي تنسب للرسول (ص) في هذا المجال؟ هل أحاديث بول الإبل صحيحة؟
المسلمون فيما يخص التعامل مع الأحاديث النبوية التي تحتوي نصائح دنيوية وطبية على مذهبين، مذهب يرى بأنها نصائح سماوية إلاهية، أي وحي يوحى علينا التسليم والقبول به أيًا كان.
أما الرأي آخر وهو الذي نتبناه هنا ونراه الأقوى والأسلم دينيًا وعقليًا، وهو رأي يذهب إلى أن نصائح الرسول (ص) هي نصائح بشرية يجوز فيها الخطأ، وبأن ما يسميه البعض بـ(الطب النبوي) لا وجود له، وإنما هو من الافتراء على نبينا الكريم، حيث أن نصائحه الطبية لم تكن بوحي سماوي، بل هي مجرد نصائح بشرية جاءت من قبيل التجربة والخبرة.
الحجامة والكي والسواك وغيرها من نصائح يبدو بأنها من الأمور التي كانت سائدة في عصر الرسول (ص)، ليس النصح بها من الوحي، ولو عاش النبي في عصر آخر كعصرنا لكانت الأحاديث تنصح بمستجدات الطب الحديث من عقاقير وتطعيمات، ولو عاش في الصين لتداوى بالإبر الصينية... إلخ. نفس الشيء ينطبق على حديث بول الإبل فهو قد لا يعدو أن يكون مِن قبل عادات وتقاليد التداوي عند العرب قديمًا (8).
وأكبر دليل على أن الطب النبوي لا حقيقة له، وعلى أنه ليس وحيًا من السماء، هو اقتصار هذا الطب على الأدوية والعلاجات المتواضعة المنتشرة في تلك الحقب، ولو كان وحيًا لتوقعنا منه أن يسبق الطب الحديث بمراحل كثيرة! فكيف يكتفي النبي بعلاج بسيط من وحي بيئته، وكيف لم يخبرنا بطرق أكثر تقدمًا وتطورًا ودقةً وفائدةَ وشفاءً؟! لو كان المراد تعليم البشر فنون الطب، فإن الله لا يعجزه أن يفعل ذلك. هناك معلومات طبية بسيطة جهلها الناس في الماضي، لكن كان بإمكانها أن تنقذ حياة العشرات والمئات، وهل كان الله ليعجز عن إخبار نبيه؟
ديننا هو دين الأخذ بالأسباب، لا ننتظر وحيًا من السماء يصف لنا دواء أمراضنا! بل نجد نحن في البحث والاكتشاف! اعتماد البعض على ما ما يُسمى بـ"الطب النبوي"، كمن يستخدم السيف في عصر الصواريخ، ويستخدم الجمل في عصر الطائرات... ليست هذه سنة الرسول، وليس هذا هو الاقتداء به، يذكروننا بأولئك الذين فهموا أن السنة أقدام تمشي للمسجد حافية، أو أيادي تأكل بلا ملاعق، أو رؤوس تنام على الحصير!
وقد جاء في صحيح مسلم ما يؤيد هذا المذهب:
"إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر"
هذا لو سلَّمنا –جدلًا- بصحة نسبة حديث بول الإبل للرسول (ص)، علينا أن لا ننسى بأنه من الأحاديث التي رُويت عن طريق الآحاد، ومن المعلوم بأن هذه الأحاديث تفيد الظن لا اليقين، معنى هذا الكلام هو بأننا لا نستطيع الجزم باليقين أن الرسول الكريم (ص) قد قاله.
يقول محمد الغزالي في قذائف الحق (7):
"أريد أن أقرر حقيقة إسلامية ربما جهلها البعض: هل رفض حديث آحاد لملحظ ما يعد صدعاً فى بناء الإسلام؟
كلا فإن سنن الآحاد عندنا تفيد الظن العلمي، إنها قرينة تستفاد منها الأحكام الفرعية فى ديننا، فإذا وجد الفقيه أو المحدث أن هناك قرينة أرجح منها، تركها إلى الدليل الأقوى دون غضاضة.
وتعريف الحديث الصحيح: "ألا تكون فيه علة قادحة"، فإذا بدت علة في "سنده" أو "متنه" تلاشت صحته، ولا حرج."
وعلى هذا المبدإ السامي ردَّ الغزالي الكثير من الأحاديث الصحيحة المروية عن طريق الآحاد لتناقضها الصارخ مع العِلم أو الفطرة السليمة أو مع مبادئ قرآنية قطعية.
إن هدفنا من هذا الكلام ليس تضعيف الحديث أو إنكاره، فهو أمر نفضل تركه للمختصين، لكننا نريد أن نؤكد على أنه وإن كان مرويًا في الصحاح فإنه يفيد الظن لا القطع، وكما يقول الغزالي في موضع آخر: "إني آبي كل الإباء أن أربط مستقبل الإسلام كله بحديث آحاد مهما بلغت صحته".
نحن نرفض تمام الرفض أن نُحول هذا الحديث لمركز ديننا، ولأساس من أساسياته، حدَّ اتهام من ينكره أو لا يستسيغه لأي سبب كان بالكفر والخروج من الدين! رغم أنه حديث ظني لا قطعي.
نُحيل القارئ أيضا لقراءة المقالين التاليين، ففيهما تفصيل وإسهاب أكثر بخصوص هذه القضية:
قراءة في فتوى الشيخ صالح الفوزان بكفر منكر صحة حديث العلاج ببول الإبل (1) (اضغط هنا)
قراءة في فتوى الشيخ صالح الفوزان بكفر منكر صحة حديث العلاج ببول الإبل (2) (اضغط هنا)
هذا من الناحية الشرعية، أما من الناحية العلمية، فما صحَّة ادعاءات من يدَّعي بأن لبول الإبل فوائد علاجية؟
هناك بحوث تصدر من بعض الجهات تدّعي بأن لبول الإبل فوائد صحية، لن نتحدث عن كون تلك البحوث لم تنشر في أكبر المجلات العلمية وأكثرها اعتمادًا وكيف أنها غير رصينة وضعيفة... بل يكفي بأن نذكر بأنها قاصرة جدًا وغير كافية من الناحية العلمية، فهي إما أجريت على خلايا الفئران (3)، أو على خلايا بشرية في المختبر (4)، وهو ما لا يكفي للحكم بنفعها.
إن تمرير أي دواء أو علاج للاستخدام البشري لا يتم إلا بتجارب عديدة وطويلة تستغرق سنوات كثيرة، حيث يبدأ الباحثون أولا بدراسة الدواء أو العلاج مخبريًا، ويتم تجريبه على الحيوانات كفئران التجارب للتأكد –مبدئيا- من سلامته وفعاليته، هذه الدراسات عادة ما تستغرق 3-4 سنوات (6).
بعد الدراسات المخبرية يتم البدء بالدراسات السريرية حيث يجرب الدواء أو العلاج على مجموعة من البشر يتطوعون لذلك، تُقام التجارب السريرية على خطوات، وفي البداية يكون عدد المتطوعين صغيرًا ويتم تكبير العدد تدريجيا في الدراسات اللاحقة إلى أن يصل العدد للمئات، مجموع الدراسات السريرية عادة ما يستغرق 6 سنوات كاملة لإكمالها جميعًا (6).
ولا ننسى دور الجهات الحكومية التي تقيّم وتراقب العملية للتأكد من خضوعها لمعايير صارمة تضمن سلامة الدواء أو العلاج للاستهلاك البشري قبل طرحه بالأسواق.
وبهذه الطريقة نكون أكثر يقينية بأن العلاج غير مضر وغير سام للبشر، وبأنه مفيد وفعال، وتستغرق هذه الدراسات عددًا طويلا من السنين، ناهيك عن المبالغ الضخمة التي تُصرف فيها...
لم يخضع "بول الإبل" لهذه الخطوات العديدة، مما يجعل تمريره للناس على أنه علاج ومفيد ومثبت من الكذب والخداع، بل إنه وزر كبير لما فيه من اللعب بحياة وصحة الناس بادعاءات لم يتم تجريبها مطلقًا! إن حياة الناس ليست لعبة، ولا نقبل تمرير أي علاج دون دراسته بدقة وعناية ولسنين طويلة قبل وصفه لهم.
ونحن هنا لا نتحدث عن طعام عادي من الأطعمة قد لا يضر تناوله، بل إن الأمر يتعلق بالبول والذي هو من الفضلات التي يفرزها الجسم وفيه اليوريا والتي هي من المواد السامة (7)، ولا ننسى ضرر جعل الناس تتعالج بما قد لا يفيد فيتركون ما تم إثبات فائدته في علاج أمراضهم. مع العلم بأن وزارة الصحة العالمية تنصح بتجنب شرب بول الإبل تفاديًا للإصابة بفيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (فايروس كورونا الجديد) (Middle East respiratory syndrome coronavirus) (MERS-CoV) (1،2).
فريق عالم الأكاذيب
مصادر:
(1) http://www.who.int/mediacentre/factsheets/mers-cov/ar/
(2) http://www.who.int/csr/don/23-march-2016-mers-saudi-arabia/en/
(3) http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/8771453
(4) http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/22922085
(5) http://www.medscape.com/viewarticle/405869_4
(6) http://medical-dictionary.thefreedictionary.com/urea+poisoning
(7) هل حديث الذبابة صحيح؟
(8) http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=164743
http://www.alwaei.com/site/index.php?cID=948
كل ما يقوله رسول الله وحي "وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى". المشكلة في الحديث المنسوب زورا إلى رسول الله. أعتقد أن حديث شرب بول الإبل غير صحيح ورسول الله لم يقله.
ردحذف