لستُ أدري من أين جاء كثيرٌ من الدّعاة بأنَّ حفظ القرآن الكريم يحمي الإنسان من الخرفِ في آخر عمره؟!
ولستُ أدري على أيّ أساسٍ بنوا قناعات النّاس بأنّ من يحفظ القرآن الكريم أو يواظب عليه فإنّه لا يمكن أن يصاب بالزهايمر ولا يفقدُ ذاكرته أو عقله في آخر عمره؟!!
حفظُ القرآن الكريم وتلاوته من العبادات العظيمة وهو علاج للأمراض السلوكيّة والفكريّة والأخلاقيّة وهو البلسم الشّافي للعقل والرّوح، لكنّ حفظه أو تلاوته لا تضمن للإنسان الوقاية من الأمراض الفيزيولوجيّة ومنها الخرف والزهايمر وفقدان الذّاكرة.
والإصابة بالزّهايمر وفقدان الذّاكرة والخرف أمراضٌ لا علاقة لها بالصّلاح وعدمه، فهذه الأمراض يصاب بها الصّالحون وغير الصّالحين والمؤمنون وغير المؤمنين والعلماء الكبار وعامّة النّاس.
إساءةٌ كبيرةٌ للقرآن الكريم كما أنّها إساءةٌ كبيرةٌ للمرضى بهذه الأمراض أن يتمّ ترسيخ هذه الأفكار لتغدو قناعات يُبنى عليها الحكم على النّاس وإطلاق تقييمات عليهم بالإيمان وعدمه بناء على أمراضهم!
محمد خير موسى، نقلا عن صفحته بالفايسبوك
ماذا عن بعض الدراسات العلمية التي توحي بأن الحفظ والقراءة يقيان من الزهايمر؟ وألا ينطبق هذا على قراءة القرآن وحفظه وتعلمه؟
هذه الأمور التي يتحدث عنها المختصون للحماية من الزهايمر، هي أمور قد تقي من الإصابة ولكنها لا تعني بالضرورة أن كل من يفعلها لن يصاب بهذا المرض إطلاقًا. يعني جائز أن يكون هناك شخص يعمل كل هذه الأمور معا وأمور أخرى أيضا تم ربطها بالحماية بالخرف ومع ذلك يصاب بالخرف... مثلما نقول الدخان يزيد من احتمالية التعرض لسرطان الرئة لكن لا يعني أن كل مدخن سيصاب بذلك السرطان.
الأمر الآخر هو أن كثرة التعلم وكثرة القراءة (وعموما كثرة استخدام العقل وتنشيطه وتعلم مهارات جديدة إلخ) توجد أدلة تقول بأنها أمور قد تقي من الخرف نعم، لكن ذلك ليس خاصًا بالقرآن، فيستطيع الإنسان أن يحفظ أي كتاب آخر ويتعلمه سواء كان كتاب دين آخر أو كتاب دنيا، أو أن يحفظ الأغاني ويرددها، وقد تكون هذه الأغاني سيئة أو مخلة... لكن النتيجة ستكون واحدة، فالأمر ليس مختصا بالقرآن وحده.
لذلك من الواجب التنبيه والتوضيح أن كثرة التعلم والاطلاع والقراءة وغيرها من أنشطة تحفز المخ هي أمور جيدة لصحة الدماغ وتنشيطه ولكنها أمور تشمل كل أنواع القراءة لكل أنواع الكتب ولا يختص القرآن بذلك وحده.
أخيرا كمسلمين نحن نقرأ القرآن ونتدبره من أجل الله والآخرة دون الحاجة لأن يكون لذلك فائدة دنيوية تعود علينا.
طالع أيضا:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
قل خيرًا أو اصمت: (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)