السبت، 5 أبريل 2025

حقيقة الإعجاز العلمي في "يخرج من بين الصلب والترائب"


قال الله تعالى: (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)) (الطارق).

جملة التفاسير تقول أن المقصود بالصلب هو فقار الظهر، بينما الترائب تشير لموضع القلادة أو عظام الصدر، وبعض التفاسير تقول أن الصلب تعود لماء الرجل بينما الترائب تعود لماء المرأة، أما بعضها الآخر فيقول أن الصلب والترائب تعود للرجل وحسب. 

لكن كما نعرف جميعا فإن الحيوانات المنوية والبويضات لا تتكون لا في الظهر ولا في الصدر ولا بينهما، فالأعضاء التناسلية للإنسان لا تقع في تلك المنطقة، وهنا سيأتيك الملحدون واللادينيون والمشككون وغيرهم ليقولوا لك بأن القرآن يتناقض مع العلم. وحينها يأتيك الرد جاهزا من أدعياء الإعجاز العلمي فيقولون: المقصود أصل تكون الأعضاء التناسلية حيث أنها في وقت نمو الجنين تتشكل من بين ظهر الجنين وصدره وفي هذا إعجاز علمي وكيف عرف محمد صلى الله عليه وسلم بهذا من مئات السنين وسبحان الله!

شخصيا لا أقتنع برد أدعياء الإعجاز العلمي هذا وأرى أن فيه تكلفًا لا طائل منه، وليس لهذا أنزل القرآن (راجع: الإعجاز العلمي تشريعات دقيقة أم علوم دقيقة...؟)، فبدل أن نتأمل في الآيات والإشارات التي تريد أن تنبهنا إليها، كيف أن الإنسان ذو أصل ضعيف، وكيف عليه ألا يغتر بنفسه... وغيرها من معانٍ وإشارات... بدل التركيز على هذا ندخل في حرفية الكلمات ومتاهات علمية لا طائل منها... فالقرآن ليس كتاب علم ولا هو يريد أن يعطينا حقائق علمية، ولا أن يشرح لنا كيف ومن أين يُخلق الإنسان...

لسنا مختصين في اللغة ولا علماء في التفسير، لكن كمسلمين لا نفهم من هذه الآية سوى أنها تقول لك انظر إلى بساطة أصلك أيها الإنسان وكيف أنك في بداية المطاف لم تكن أكثر من سوائل جسدية تخرج من جسم أحدهم المحاط بالعظام (الصلب والترائب أو عظام الصدر والظهر)... قال تعالى: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً ۖ نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ) (النحل 66)، ولم يأت أحد ويقول أن ثدي الأنعام موجود بين الفرث والدم، وإنما أن جسدها يحوي الفرث والدم ومع هذا ينتج لنا لبنا صالحًا للشرب.

وسؤال آخر يطرح نفسه عند قراءة الآيات: (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ) (الطارق)، وهو ألا يمكن أن يكون الضمير في "يخرج" يعود على الإنسان؟ أي أن الإنسان حين ولادته يخرج من بين الصلب والترائب عندما يكون جنينا في بطن أمه، فإن كانت الضمائر في الآيات اللاحقة تعود على الإنسان (خُلق، رجعه، فما له)، فما المانع أن تكون "يخرج" تعود على الإنسان أيضًا؟ وقد جاء في تفسير الطبري: "واختلف أهل التأويل في الهاء التي في قوله: (عَلَى رَجْعِهِ) على ما هي عائدةٌ، فقال بعضهم: هي عائدة على الماء. وقالوا: معنى الكلام: إن الله على ردّ النطفة في الموضع التي خرجت منه (لَقَادِرٌ)". ولم أجد تفسيرًا أو اختلافا في كلمة "يخرج" أهي عائدة على الماء أم على الإنسان؟ ولا نرى مانعًا يمنع أن تكون تعود على الإنسان مع التنويه على عدم اختصاصنا في هذه المباحث. 

عمومًا هذه تأملات متواضعة، ويبقى الله هو أعلم بمقصوده من الآيات وأتمنى لو يراجع هذا المقال أناس لديهم علم أكثر فيفيدونا برأيهم.

وأخيرًا ننصح بمراجعة مقالنا: ماذا نفعل لو تناقض القرآن والعلم؟ هل يمكن أن يتعارض القرآن مع العلم؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قل خيرًا أو اصمت: (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)

| مقطع مرئي |