الأربعاء، 17 يونيو 2020

الصيام وهلال رمضان

جاء رمضان، وكالعادة سيكون أول خلاف بين المسلمين هو في تحديد أول أيامه، هذا الخلاف الذي يثلم تلك الوحدة الرائعة التي يراهم العالم في جميع شعائرهم!! فما سبب تلك الثلمة وهل للساسة دخل في اللعب بتحديدها؟ وهل يمكن أن يجتمع الناس على يوم واحد يبتدئون فيه صومهم وعيدهم؟ [...].

[...]

ولست أدري لماذا لا يقوم العلماء الخارجون عن سرب الحكام ويجتمعون على رأي واحد ليشكلوا ضغطًا قويا على الحكام؟ لماذا تهاونوا وتساهلوا في المسألة بينهما أعلنوا الغارة في مسائل أقل أهمية؟ لماذا لا يستفيد العلماء من الحساب الفلكي في تحديد رؤية الهلال وبداية الصوم بدل ذلك الاختلاف؟

ألم يتعاملوا بمرونة مع قوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) [البقرة: 187]، فلماذا لا يتعاملون بنفس المرونة مع حديث (صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته)؟! هل يخرجون يوميا ليروا متى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر أم إنهم اعتمدوا الحساب الفلكي في تحديد وقت الفجر؟ كيف اعتمدوا الحساب الفلكي في تحديد وقت الفجر وكل أوقات الصلوات الخمس ثم وصلوا إلى تحديد بداية الشهر وتوقفوا؟! لماذا هذا التناقض؟

ألم يكن الهلال هو الوسيلة المناسبة في عصر النبي لتحديد دخول الشهر؟ وهل كانت رؤية الهلال بالعين عملا تعبديا حتى يتوقفوا عنده ويرفضوا علم الفلك؟ وإذا كانت كذلك أيها الحرفيون فلماذا قبلتم استخدام الحساب وتحديد الوقت بالساعة في الصلاة؟ أو ليس ذلك بدعة بحسب فهمكم؟ ولماذا كتبتم التقاويم لأقوات الصلاة لعام وأعوام ثم لا تكتبون متى يبدأ رمضان ومتى ينتهي؟ إلى متى سنظل متناقضين؟ نحدد وقت الصلاة ثم نختلف في تحديد الصوم والحج؟ ثم إني أتساءل: ألا ترون دقة علم الفلك في تحديد وقت كسوف الشمس والقمر والذي تجدونه مطابقا بالدقيقة والثانية لما قاله علم الفلك! ألا تجهزون أنفسكم للصلاة بناء على ذلك التحديد الدقيق للكسوف!

هل فكرتم في مدى احتياج المسلمين لتقويم هجري موحد! ماذا لو صار للمسلمين شأن وصار تاريخهم القمري هو المعتمد عالميًا، هل نستطيع أن نضرب موعدا لحركات الطيران والملاحة والقطارات أم نقول لهم انتظروا كل شهر حتى نرى الهلال؟!

هل فكرتم في حال المسلمين في أوروبا وأمريكا والذين هم بحاجة لتقويم منضبط دقيق للمستقبل، يحدد بداية رمضان والأعياد الدينية حتى تمنحهم الحكومات إجازة بذلك، وحتى ينظموا مواعيدهم في ويرتبوا أنفسهم ويحجزوا أمكان لإقامة احتفالاتهم... إلخ.

لولا أن هذا التقويم ارتبط بالصوم والحج لكان الناس قد تركوه وعملوا بالميلادي لأنه منضبط ودقيق، ولا يستطيع المسلم أن يضرب موعدا على أساس التقويم الهجري! لأنه سينتظر حتى بداية كل شهر كي يرى الهلال! واليوم لا يمكن للعالم أن يعيش وينظم أمور حياته من غير تقويم دقيق للمستقبل يحدد بداية كل شهر، وكل سنة.


بقلم عبد الله القيسي (عودة القرآن ص374 إلى ص375)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

| مقطع مرئي |

اكتب عنوان بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا: