هناك حالتان كلتاهما فهم خاطئ للدين وتفسير مغلوط للرحمة واللين والتسامح فيه، أو لنقل نَسْب تفاعلات وردود أفعال سلبية للرحمة أو اللين أو التسامح وباسم الدين ...
هناك حالة ضعف في الشخصية تجعل من الإنسان ينصاع لمن يظلمه، ويفوّت فرص الدفاع عن نفسه وفرص الرد المكفول على من يَتعدّى عليه أو يمتهن كرامته أو يسلبه حريته ...
هذا الانصياع وهذا الضعف وهذا التفاعل السلبي ينسبه الكثيرون للدين...
فيخبرك أن الدين أمر بالتسامح، بالتغاضي، الله ناصر للمظلوم... فلا مشكلة إن صبر وتحمّل وعدّاها، أو إن صبرت وتحملت وعدّتها .. !
الله لن يضيّع حقي ولن يضيع أجري، وأجري على الله، ومعلش أقتص منه يوم القيامة ...! ويلوذ بالدعاء باكيا منتحبا وهو الذي لم يردّ عن نفسه ضيما...
هذا التواكل، وهذا التعليق على مشاجب دينية بتفسيرات هوائية للدين تعطي صورا خاطئة .. تعطي مفاهيم سلبية عن الدين ...
الدين يأمر بالتسامح والرحمة واللين .. نعم ... وأكيد ...
ولكن.... !!
صاحب هذه العطاءات من نفسه قويّ سميّ غير منتَقَص القدر ولا مُهان الجانب... مقدَّر ... يعطي من نفسه كل هذا وهو راض وهو معافى... وليس مغصوبا، منتهَكا، محتَقَرا ...
بل أنّى للمُهان المحتقر المغصوب المظلوم أن يعطي من نفسه هذا بسلام نابع من سلام ؟! أي سلام داخلي هذا الذي سيفيض سلاما على الناس ؟!
وحاشا الدين... حاشاه ... وهو يكفل للإنسان كرامة وقيمة، وحقا للنفس...
وهو يعلم خباياها وضعفها وما من شأنه أن يعليها وما من شأنه أن يدنيها ...
لا يرضى الظلم، ولا يرضى أن يقبل الإنسان على نفسه الظلم، ويعطيه حق الدفاع والانتصار واسترداد الحق وردّ الاعتبار، ويتوعد الظالم ويفتح للمظلوم الباب على مصراعيه للاقتصاص من ظالمه ورد حقه واعتباره : { لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء : 148]
فلماذا نُنزِل مفاهيم من الدين غير منازلها ؟! لماذا يُنسَب للدين ضعف الشخصية أو سوء التصرف، أوالرضى بالذل، أوالخنوع والخضوع للظالم ؟!
هذه واحدة الحالتَيْن... حالة يؤوّلها الكثير من أصحابها تأويل "التديّن" المغلوط، التدين الذي يصيّرون فيه الضعف والخنوع والخضوع والذل تسامحا ورضى ولينا .. !
أما الحالة الثانية فهي ما يسيطر على كثير من الأذهان من أن التدين هو هذا، وكأن الدين لا يعترف بتقلب الأحوال، وبأن لكل مقام مقالا ... فيجعلون باب التسامح مفتوحا في كل مقام، وباب اللين مفتوحا في كل مقام، وكأنه لا استثناء ولا قراءات متفاوتة متغايرة للأوضاع التي يوضع بها الإنسان ...
فإن هو ظُلِم صمت، وإن انتُقِص قدرُها وامتهِنت كرامتها صمتت وتصبّرت قائلة :"ّ الصبر مفتاح الفرج"... !!
وإن أخِذ حقه طأطأ رأسه ولم ينبس ببنت شفة واحتسب وحَوْقَل... وإن أهين صمت وسارع لتلك الحبّة المسكّنة قائلا: "سيردّ الله لي حقي"...!
هؤلاء علّتهم ليست ضعفا في الشخصية بل مفاهيم مغلوطة عن الدين توارثوها غلطا عن غلط جعلتهم يحتسبون في كل حال، ويلجؤون للدعاء في كل حال دون أي حركة منهم أو تفاعل، ويُحَوقلون، وينتظرون الفرج وهم يتفرجون ... !!
يحسبون أنهم يطبقون الدين، وأن الدين سلام يقضي بدوام المسالمة حتى مع من حارب واعتدى ...!!
إذن ففي كلتا الحالتَين يُحال الضعف إلى الدين والتدين، سواء كان ضعفا في الشخصية أو ضعفا في فهم الدين ذاته ...
وهذا ما يجعل الكثيرين يمتعضون إذا ما رأوا من ينتصر لنفسه، ويتصدى لمن يعتدي عليه ويتعدى حدوده ...
هذا ما يجعلهم يصفون كل من فعل ذلك بالصلافة والخشونة والغلظة... بينما هو التفاعل السليم ورد الفعل اللازم إزاء من يريد ظلما أو إهانة أو انتقاصا من قدره ...
إن الدين لا يقضي بقياس الحالات بمسطرة مليمترية ولا بتشكيلها وِفق قالب جامد لا يتبدل ولا يتحول، بل هو الدين الذي جاء موافقا للبشرية غير نافٍ لتفاعلاتها ولا لتقلباتها، وهو الدين الذي وضع كل مفهوم موضعه السليم فلا يُخلَط فيه الذل باللين ولا يُخلَط فيه الخنوع والخضوع بالتسامح، ولا يُرادِف فيه الاستسلام السلامَ ... !!
إنه الدين الذي بيّن أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف...
فلا يُلصقنّ أحدٌ ضعفا فيه بالدين، ولا يجعلنّ آخر الدينَ لينا حتى مع المعتدي، ورحمة حتى بالظالم، وتسامحا حتى مع المضطهِد المذِلّ...!
هناك حالة ضعف في الشخصية تجعل من الإنسان ينصاع لمن يظلمه، ويفوّت فرص الدفاع عن نفسه وفرص الرد المكفول على من يَتعدّى عليه أو يمتهن كرامته أو يسلبه حريته ...
هذا الانصياع وهذا الضعف وهذا التفاعل السلبي ينسبه الكثيرون للدين...
فيخبرك أن الدين أمر بالتسامح، بالتغاضي، الله ناصر للمظلوم... فلا مشكلة إن صبر وتحمّل وعدّاها، أو إن صبرت وتحملت وعدّتها .. !
الله لن يضيّع حقي ولن يضيع أجري، وأجري على الله، ومعلش أقتص منه يوم القيامة ...! ويلوذ بالدعاء باكيا منتحبا وهو الذي لم يردّ عن نفسه ضيما...
هذا التواكل، وهذا التعليق على مشاجب دينية بتفسيرات هوائية للدين تعطي صورا خاطئة .. تعطي مفاهيم سلبية عن الدين ...
الدين يأمر بالتسامح والرحمة واللين .. نعم ... وأكيد ...
ولكن.... !!
صاحب هذه العطاءات من نفسه قويّ سميّ غير منتَقَص القدر ولا مُهان الجانب... مقدَّر ... يعطي من نفسه كل هذا وهو راض وهو معافى... وليس مغصوبا، منتهَكا، محتَقَرا ...
بل أنّى للمُهان المحتقر المغصوب المظلوم أن يعطي من نفسه هذا بسلام نابع من سلام ؟! أي سلام داخلي هذا الذي سيفيض سلاما على الناس ؟!
وحاشا الدين... حاشاه ... وهو يكفل للإنسان كرامة وقيمة، وحقا للنفس...
وهو يعلم خباياها وضعفها وما من شأنه أن يعليها وما من شأنه أن يدنيها ...
لا يرضى الظلم، ولا يرضى أن يقبل الإنسان على نفسه الظلم، ويعطيه حق الدفاع والانتصار واسترداد الحق وردّ الاعتبار، ويتوعد الظالم ويفتح للمظلوم الباب على مصراعيه للاقتصاص من ظالمه ورد حقه واعتباره : { لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء : 148]
فلماذا نُنزِل مفاهيم من الدين غير منازلها ؟! لماذا يُنسَب للدين ضعف الشخصية أو سوء التصرف، أوالرضى بالذل، أوالخنوع والخضوع للظالم ؟!
هذه واحدة الحالتَيْن... حالة يؤوّلها الكثير من أصحابها تأويل "التديّن" المغلوط، التدين الذي يصيّرون فيه الضعف والخنوع والخضوع والذل تسامحا ورضى ولينا .. !
أما الحالة الثانية فهي ما يسيطر على كثير من الأذهان من أن التدين هو هذا، وكأن الدين لا يعترف بتقلب الأحوال، وبأن لكل مقام مقالا ... فيجعلون باب التسامح مفتوحا في كل مقام، وباب اللين مفتوحا في كل مقام، وكأنه لا استثناء ولا قراءات متفاوتة متغايرة للأوضاع التي يوضع بها الإنسان ...
فإن هو ظُلِم صمت، وإن انتُقِص قدرُها وامتهِنت كرامتها صمتت وتصبّرت قائلة :"ّ الصبر مفتاح الفرج"... !!
وإن أخِذ حقه طأطأ رأسه ولم ينبس ببنت شفة واحتسب وحَوْقَل... وإن أهين صمت وسارع لتلك الحبّة المسكّنة قائلا: "سيردّ الله لي حقي"...!
هؤلاء علّتهم ليست ضعفا في الشخصية بل مفاهيم مغلوطة عن الدين توارثوها غلطا عن غلط جعلتهم يحتسبون في كل حال، ويلجؤون للدعاء في كل حال دون أي حركة منهم أو تفاعل، ويُحَوقلون، وينتظرون الفرج وهم يتفرجون ... !!
يحسبون أنهم يطبقون الدين، وأن الدين سلام يقضي بدوام المسالمة حتى مع من حارب واعتدى ...!!
إذن ففي كلتا الحالتَين يُحال الضعف إلى الدين والتدين، سواء كان ضعفا في الشخصية أو ضعفا في فهم الدين ذاته ...
وهذا ما يجعل الكثيرين يمتعضون إذا ما رأوا من ينتصر لنفسه، ويتصدى لمن يعتدي عليه ويتعدى حدوده ...
هذا ما يجعلهم يصفون كل من فعل ذلك بالصلافة والخشونة والغلظة... بينما هو التفاعل السليم ورد الفعل اللازم إزاء من يريد ظلما أو إهانة أو انتقاصا من قدره ...
إن الدين لا يقضي بقياس الحالات بمسطرة مليمترية ولا بتشكيلها وِفق قالب جامد لا يتبدل ولا يتحول، بل هو الدين الذي جاء موافقا للبشرية غير نافٍ لتفاعلاتها ولا لتقلباتها، وهو الدين الذي وضع كل مفهوم موضعه السليم فلا يُخلَط فيه الذل باللين ولا يُخلَط فيه الخنوع والخضوع بالتسامح، ولا يُرادِف فيه الاستسلام السلامَ ... !!
إنه الدين الذي بيّن أن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف...
فلا يُلصقنّ أحدٌ ضعفا فيه بالدين، ولا يجعلنّ آخر الدينَ لينا حتى مع المعتدي، ورحمة حتى بالظالم، وتسامحا حتى مع المضطهِد المذِلّ...!
أسماء حازرلي
=======================
---------------
إن الشائع في الثقافة الإسلامية الحالية هو التسامح والتسامح فقط مع المسئ ومما لا شك فيه أن للتسامح شأن عظيم في الإسلام ويُوجد ما لا أحصره من الآيات الكريمات والسنة النبوية الشريفة ما يُشجعُ على التسامح.
ما أود أن أثيره في هذا المقال هو الفرق بين تسامح القادر وتسامح الخانع. أما الأول فلقد رحبت به الشريعة الإسلامية أيما ترحيب وحثت عليه فهو مُستمَدٌ مباشرة من روح الإسلام وتعاليمه. ولكي نعرض مثالاً موجزاً لهذه القضية من القرآن الكريم نستشهد ببعض من آيات الله الكريمات في سورة الشورى.
وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ * وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ
إن هذه الآيات الكريمات تضع النقاط فوق الحروف في قضية هذا المقال. فإن الإسلام لا يمنع القصاص العادل من الظالم بل يحث عليه ويشجعه وإنما يكون التسامح المباح إسلامياً هو التسامح المبني على القدرة على القِصاص وليس تسامح التخاذل والخنوع الذي يربي كثيرٌ من المسلمين عليه أولادهم بدعوى أنه من الإسلام والإسلام منه براء.
ولا يغيب على متأمل وفاهم لروح الإسلام أنه لا يدخل في هذا التخاذل والخنوع من يُظلم وهو لا يستطيع أن ينتصر لنفسه فيحتسب ذلك عند الله عز وجل وإنما يدخل فيه من يتهاون في حقه خوفاً من بطش الظالم, فإن الذي ينبغي ألا يُخشى غيره هو الله العزيز الجبار.
قال الله تعالى في سورة آل عمران آية 173
الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
فنعم تسامح القادر وبئس تسامح الخانع
والله أعلم
أحمد كمال قاسم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق