هل كل الكائنات الحية فيها جنسين؟

"وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ" الذاريات 49
يحاول البعض أن يزج بكل آية من آيات الله في الإعجاز العلمي، مما يؤدي لعواقب وخيمة.

هذه الآية ظلمت كثيرًا، ظلمت من قبل المسلمين الذين يصرّون أشد الإصرار على أنها معجزة.

وظلمت أكثر من الملحدين الذين يستخدمونها كلما سمحت لهم الفرصة ليثبتوا تناقض القرآن مع العلم.


أولًا: ليس صحيحًا أن كل المخلوقات الحية تحتوي على جنسين كما يحاول البعض أن يقنعنا، ويقومون بذلك عن طريق إيراد أمثلة لبعض الكائنات أحادية الخلايا التي تتكاثر جنسيا. ونعم صحيح أن أغلب الكائنات تتكاثر جنسيًا بطريقة أو بأخرى لكن هل جميعها يفعل ذلك؟

1) هناك أنواع معينة من جنس من السحالي يسمى (Cnemidophorus) لم يتم إيجاد أي ذكور فيها، ونعم جميع أفراد تلك الأنواع إناث ويتكاثرن لا جنسيًا عن طريق ما يُسمى بـ التوالد العذري (parthenogenesis).

2) هناك حيوانات مايكروسكوبية تُسمى Rotifer وهي أيضا لا تحتوي على ذكور وتتكاثر دوما لا جنسيًا.

نكتفي بهذين المثالين الذين يثبتان خطأ جميع الإعجازيين الذين يدعون أن كل شيء مكون من جنسين.


ثانيًا: في المقابل كما يُحاول المسلمون إثبات أن هذه الآية فيها إعجاز، يستخدم الملحدون هذه الآية ليثبتوا أن الإسلام متناقض مع الحقيقة، فكما بينا مسبقًا ليس صحيحا أن كل شيء مكون من جنسين.

لكن هل هذه الآية تقول بأن كل شيء دون استثناء مكون من زوجين؟

الحقيقة هي أن هذه الآية لديها تفسير آخر مُهمل –للأسف-:

"ويكون المراد بقوله تعالى: وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ من كل شيء يقبل ذلك، كقوله تعالى في الريح التي سلطها على عاد: ُتدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا أي كل شيء يقبل التدمير، فقد خرج من دلالة الآية السماء والأرض وأمور كثيرة، كما هو معلوم بالحس" [موقع إسلام ويب – الرابط أسفل المقال]

"وقد كان بعض المفسرين القدامى يتأول هذه الصيغة: "كل شيء" بأن المراد بها "الأغلبية" وليست على ظاهرها"
[القرضاوي في كتاب العقل والعلم في القرآن الكريم]

يُرجى أيضًا مراجعة المقال التالي لمزيد من التفصيل: (تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ) هل تفيد الشمول؟ هل القرآن يحتوي على كل شيء؟

البعض يسيء للإسلام من حيث يريد الإحسان، تسرعنا باعتبار هذه الآية معجزة ولم نكلف أنفسنا عناء التأكد من صحة ذلك، بينما استخدم الملحدون ذلك ضدنا واعتقدوا أن الآية يمكن أن تفهم بطريقة واحدة. وهكذ أسأنا للإسلام من الجهتين!

والحقيقة أن الآية يمكن أن تفهم بأكثر من طريقة ولا يضرنا وجود أنواع لا تحتوي على جنسين.

وللمعلومية هذه المعجزة شهيرة جدًا وقديمة جدًا لدرجة أن شخصيات إسلامية كثيرة مرموقة ولها ثقلها ووزنها تناقلتها مرارا وتكرارا، وفي الحقيقة لا عصمة لأحد وكل يؤخذ منه ويرد. وإن دل هذا الأمر على شيء فإنه يدل على أنه يجب علينا أن نتأكد ونتثبت كثيرا خصوصا في مواضيع الإعجاز العلمي لأنها مواضيع حساسة جدًا وكلمة واحدة خاطئة ستأتي بعواقب وخيمة، الحذر والتشديد في هذه المواضيع بدل التساهل والتسرع.

ولهذا أطالب جميع من يتحدث باسم الإعجاز العلمي أن يتوقف عن ذلك الآن وحالًا حتى يعود لأهل الاختصاص، تمامًا كما لا يستطيع أي باحث/عالم نشر أي بحث أو اكتشاف علمي في مجلة علمية قبل أن تتم مراجعة بحثه من أكثر من شخص من أهل الاختصاص، فالأولى بنا أن لا نُفسر القرآن بأي تفسير علمي قبل الرجوع لأكثر من شخص من أهل الاختصاص في المجالين العلمي والديني، وهذا أقل الواجب نحو كلام الله!

القرآن ليس مسخرة، وليس مفتوحًا لكل من أراد تفسيره أن يفسره بمزاجه!!


مصادر:
http://www.jstor.org/discover/10.2307/3669411?uid=2129&uid=2&uid=70&uid=4&sid=21104551104747
http://books.google.ca/books?id=orUl8Ezs1iQC&printsec=frontcover#v=onepage&q&f=false
http://en.wikipedia.org/wiki/Parthenogenesis
http://en.wikipedia.org/wiki/Cnemidophorus
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2847548/
http://en.wikipedia.org/wiki/Rotifer
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=34953