(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ)، فهل ناقض القرآن العلم الحديث حين قال أن الله خلق السماء والأرض في ستة أيام؟
ما معنى كلمة أيام؟
يقول الشيخ محمد رشيد رضا (1): "وقد أخبر تعالى في آيات كثيرة بأنه خلق السموات والأرض في ستة أيام، [...] واليوم في اللغة العربية هو الزمن الذي يُعرف أو يُحد بوقوع شيء فيه طال أو قصر، [...] ومنه أيام العرب المشهورة في وقائعهم وحروبهم كيوم ذي قار ويوم أوارات ... إلخ، فالمراد بأيام خلق السموات والأرض عصور تم في كل عصر منها طور من أطوار خلقها".
ويقول الشيخ القرضاوي (2): "فلعل هذه الأيام عبارة عن ستة أزمنة، وآماد لا يعلم مداها إلا الله يتحدد كل يوم منها بما تم فيه من عمل، أو ست دورات فلكية لا نعلمها، غير أيامنا المرتبطة بالدورة الشمسية، أو ستة أطوار مرت على هذه المخلوقات. كل ذلك محتمل، واللغة تساعد عليه، والدين لا يمنع منه. فاليوم في لغة العرب هو الزمن الذي يمتاز بما تحصل فيه من غيره، فأيامنا هذه تتميز بما يحددها من طلوع الشمس ومغربها، وأيام العرب بما كان يقع فيها من الحروب والقتال".
إذن مصطلح يوم في القرآن هو مدة زمنية تطول أو تقصر وقد جاء هذا في آيات عديدة:
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ) (السجدة 5)
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ۚ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ) (الحج 47)
(تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (المعارج 4)
إذن فنسبية كلمة يوم في القرآن واضحة وصريحة. ونحن نعرف في حاضرنا أن يومنا البشري في عالمنا الصغير يقرره دوران الأرض، وبأن كل كوكب من الكواكب يمتلك "يومه" الخاص به الذي قد يطول أو يقصر حسب سرعة الدوران، وهكذا يخرجك القرآن من عالمك الأرضي الضيق بما تعرفه من "أيام" فينبهك لاحتمالية وجود "أيام" أخرى لم تكن لتخطر لك ببال! وينبهك إلى أن كلمة "يوم" لا تعني بالضرورة الأربع وعشرون ساعة التي نعرفها، بل قد تعني ما هو أطول -أو ربما حتى أقصر- مما نتخيله بكثير.
هذا والله أعلم.
مصادر:
(1) كتاب مجلة المنار
(2) نقلا عن موقعه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق