الأربعاء، 1 أكتوبر 2025

لماذا العنكبوت أنثى في القرآن؟ حقيقة الإعجاز العلمي


من عجيب ما قرأته في حق قوله تعالى في سورة العنكبوت: (... كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ۖ...) (العنكبوت 42)، أن استخدام كلمة "اتخذت" هكذا مؤنثة بإضافة تاء التأنيث عليها ليس عشوائيا بل فيه من الدقة والإعجاز لأن أنثى العنكبوت هي وحدها التي تبني البيت بينما الذكر لا يقوم ببناء البيت، وفعلا هذا هو ما أثبته العلم الحديث! ويبدو أن هذه المعلومة منتشرة بكثرة في صفحات الإنترنت المختلفة، فما مدى صحتها؟ 

أولًا نبدأ بالقاعدة العامة التي يجب أن يلتزمها كل عاقل وهي: عندما تقرأ جملا على سياق: "أثبت العلم الحديث"، "تقول الدراسات العلمية"، "اكتشف العلماء الغربيون"، مباشرة اسأل وتأكد وتثبت، أين هي هذه الدراسات؟ ما المصدر عليها؟ من هم هؤلاء العلماء... إلخ. لا تقبل بالكلام دون تحقق وتأكد، وإلا كنت في عداد السذج الذين يصدقون كل ما يمر بهم من أكاذيب وتفاهات.

بالبحث السريع في الموضوع وجدت أن هناك تقريبا 50 ألف نوع من العناكب اكتشفها العلماء (سبحان الله!)، وأغلب هذه الأنواع لا تنتج شبكات وإن كانوا جميعًا ينتجون خيوط الحرير نفسها سواء للتنقل أو غيره (1)، وليس صحيحا أن الذكور لا ينتجون شبكات بل هناك أنواع منها تنتج الشبكات لأسباب مختلفة، ووجدت هذا البحث يبحث في موضوع إنتاج بعض أنواع من ذكور العناكب لشبكاتهم (2)، ويبدو أن أغلب ذكور العنكبوت تتوقف عن إنتاج الشبكات حين تكبر لتترك شبكاتها بحثًا عن شريكة للتوالد (3). فها هو الأمر من الناحية العلمية يسقط.

أما من الناحية اللغوية فكلنا يعرف أن كلمة عنكبوت مؤنثة وهي لا يُقصد بها أنثى العنكبوت فحسب بل تشمل الذكور والإناث، فعند الحديث عن العنكبوت كل شخص عربي ذو لغة سليمة سيستخدم صيغة المؤنث وهو بذلك يقصد جنس العنكبوت ككل بذكوره وإناثه، وفي اللغة العربية كل أسماء الحيوانات والمخلوقات إما مذكر أو مؤنث وذلك لا علاقة له بالذكورة والأنوثة، فالنحلة مؤنثة، والنملة مؤنثة، والفراشة مؤنثة، وتستخدم هذه الكلمات للدلالة على جنس الحشرة ككل شاملا بذلك الذكور والإناث، بينما مثلا عندنا الصرصور والجندب أسماءهم مذكرة، فهذه قواعد لغوية لا علاقة لها بذكورة وأنوثة. فالآية تستخدم قواعد اللغة حين تتحدث عن العنكبوت بصيغة المؤنث ولا تهدف لتقرير حقيقة علمية من عدمه: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ ۖ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (العنكبوت 41).

وبهذا يتبين تهافت هذه المعجزة العلمية المزيفة وعدم صحتها لا لغويا ولا علميا.


المصادر:

(1) National Geographic: How spider silk is one of the most versatile materials on EarthByJason Bittel September 12, 2019

 

(2) Functional Web Built by Adult Male Bowl and Doily Spiders1985 The Journal of Arachnology 13:397


(3) Ever Wonder About Spider Webs?, Science World, Tue, Dec 9, 2014


طالع أيضا:

حقيقة الإعجاز العلمي في بيت العنكبوت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قل خيرًا أو اصمت: (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)

| مقطع مرئي |