يعترض بعض دعاة هذا العصر على بعض الأحاديث التي تتعارض مع العلم أو مع العقل أو القرآن، بينما يرى الآخرون أن هذا الاعتراض يشكل ثغرة في إيمان المعترضين فأنى لهؤلاء الاعتراض على ما صححه البخاري مثلا أو سواه.
قبل أن نخوض بحل المشكل لا بد أن نعرض بعض مصادر المعرفة لدى "أهل السنة والجماعة" وأغلبه مقتبس من كتاب ابن تيمية "درء تعارض العقل والنقل".
العقل الصريح مصدر معرفي موثوق به ولكنه متفاوت بقطعيته فبعضه قطعي وبعضه ظني، فليس كل ما مصدره العقل متفق عليه.
وكذلك المنقول (الوحي) مصدر موثوق به ومتفاوت بقطعيته، فبعضه قطعي بصحته وبعضه ظني من حيث صحة ثبوته أو من حيث دلالته.
وبحسب ابن تيمية فإنه هنا -ركزوا على ما بين القوسين- ((لا يقدم العقل على النقل ولا النقل على العقل ، بل يقدم القطعي منهما)) أي إن كان هناك نص قطعي بصحته ودلالته فإننا نقدمه على العقل الظني، وكذلك أيضا نقدم العقل القطعي على النص الظني أو على المدلول الظني للنص القطعي. (1)
والقطعي في النقل هو القرآن حتما والمتواتر، وليس الآحاد من القطعي، بل من الظني، وعلى سبيل المثال لا الحصر نورد ما قاله أبو عبد الله الشاطبي حيث قال: وأما الثاني وهو الظني الراجع إلى أصل قطعي فإعماله أيضاً ظاهر، وعليه عامة أخبار الآحاد.
وقال أيضاً: رتبة السنة التأخر عن الكتاب في الاعتبار، والدليل على ذلك أمور:
أحدها: أن الكتاب مقطوع به، والسنة مظنونة والقطع فيها إنما يصح في الجملة لا في التفصيل، بخلاف الكتاب فإنه مقطوع به في الجملة والتفصيل، والمقطوع به مقدم على المظنون.
وقال أبو العباس القرافي: باب في خبر الواحد: وهو خبر العدل الواحد أو العدول المفيد للظن.
وقال: وخبر الواحد لا يفيد إلا الظن.
وقال أيضاً: وخبر الواحد مظنون. (2)(3)
هذا وبغض النظر عن الاسترسال بالتفاصيل عندهم من أن خبر الواحد إن احتفت به قرينة يصبح عند المحدثين مفيدا للقطع وأنه مفيد في العمل لا في العلم.. إلخ. ومنتهى مرادنا أن نثبت عامة أن الأحاديث ظنية من وجهة نظر أغلب أهل السنة.
إن كثيرا من أهل السنة يفرقون بين صحة الحديث من حيث المتن وصحته من حيث السند، وما صح سنده ليس شرطا أن يصح متنه، وبحسبهم فإن كل ما في البخاري ومسلم صحيح من حيث السند، أما صحة المتن فيجب أن نأخذ ظنية الآحاد بعين الاعتبار إن خالف الآحاد عقلا أو علما، (ويذهب الغزالي في كتابه "السنة بين أهل الفقه وأهل الحديث" إلى أن مهمة المحدثين تنتهي عند تصحيح السند أما المتن فيترك للفقهاء) هذا وقد أورد مصطفى السباعي في كتابه "حجية السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي" أورد علامات الوضع في المتن وذكر منها تعارض الحديث مع القرآن أو العقل أو مع العلم أو الطب أو الظواهر الكونية أو تعارضها مع التاريخ.. إلخ. وأن هذه العلامات تجعل المتن مرفوضا وإن صح سنده. (4)(5)
وبحسب هذا فليس ثمة اعتراض على من يشكك بصحة حديث علمي أو طبي يخالف الطب الحديث (الطبي مثل أحاديث الحجامة مثلا أو بول الإبل أو ما شابهها شريطة أن نتأكد علميا وطبيا من ذلك) وليس ثمة اعتراض على من شكك بأحاديث كونية (مثل أن الشمس تذهب لتسجد تحت العرش عند الغروب) أو بالأقل قدم الدلالات القطعية على المعنى الظاهري للحديث.
وقال: وخبر الواحد لا يفيد إلا الظن.
وقال أيضاً: وخبر الواحد مظنون. (2)(3)
هذا وبغض النظر عن الاسترسال بالتفاصيل عندهم من أن خبر الواحد إن احتفت به قرينة يصبح عند المحدثين مفيدا للقطع وأنه مفيد في العمل لا في العلم.. إلخ. ومنتهى مرادنا أن نثبت عامة أن الأحاديث ظنية من وجهة نظر أغلب أهل السنة.
إن كثيرا من أهل السنة يفرقون بين صحة الحديث من حيث المتن وصحته من حيث السند، وما صح سنده ليس شرطا أن يصح متنه، وبحسبهم فإن كل ما في البخاري ومسلم صحيح من حيث السند، أما صحة المتن فيجب أن نأخذ ظنية الآحاد بعين الاعتبار إن خالف الآحاد عقلا أو علما، (ويذهب الغزالي في كتابه "السنة بين أهل الفقه وأهل الحديث" إلى أن مهمة المحدثين تنتهي عند تصحيح السند أما المتن فيترك للفقهاء) هذا وقد أورد مصطفى السباعي في كتابه "حجية السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي" أورد علامات الوضع في المتن وذكر منها تعارض الحديث مع القرآن أو العقل أو مع العلم أو الطب أو الظواهر الكونية أو تعارضها مع التاريخ.. إلخ. وأن هذه العلامات تجعل المتن مرفوضا وإن صح سنده. (4)(5)
وبحسب هذا فليس ثمة اعتراض على من يشكك بصحة حديث علمي أو طبي يخالف الطب الحديث (الطبي مثل أحاديث الحجامة مثلا أو بول الإبل أو ما شابهها شريطة أن نتأكد علميا وطبيا من ذلك) وليس ثمة اعتراض على من شكك بأحاديث كونية (مثل أن الشمس تذهب لتسجد تحت العرش عند الغروب) أو بالأقل قدم الدلالات القطعية على المعنى الظاهري للحديث.
وكذلك الحال مع أي حديث يتعارض مع التاريخ أو العقل أو القرآن أو المنطق. (وبالطبع الاعتراض العقلي الصريح محال وجوده على النقل الصحيح فلا يتطاولن أحد بنفي صحة آية بل نتحدث على آحاد الحديث، وتصحيحها اجتهادي)
والجدير بالذكر والمهم جداً جداً أن لا يتوهم متوهم أن القدح بالحديث يكون من جهة اعتقادنا أن الرسول قاله حقا! كلا وألف كلا، بل القدح من جهة كون الحديث ظنيا، ولا نقول سوى ما قال أبو بكر عليه السلام حين أخبروه أن الرسول قد أُسري به من مكة إلى القدس وعاد إلى مكة في ليلة واحدة -وهو خبر لا يصدقه العقل إذ أن النوق والخيل وسيلتهم آنذاك لا تقطع تلك المسافة بليلة!- ومع هذا فقد قال أبو بكر لما أخبروه بذلك: "لئن كان قاله فقد صدق".
نعم ، لئن كان قاله الرسول فقد صدق، ولكن بحالة أحاديث الآحاد ليس لدينا دليل قطعي أن الرسول قاله أصلا!! بل تعارُض الحديث الظني مع القطعيات يجعلنا نكاد نقطع أن الرسول ما قاله أساساً ولا نطق به لسانه صلى الله عليه وسلم. فنفي الحديث هو من جهة عدم تصديقنا أن الرسول قاله وليس من جهة عدم تصديق الرسول فيما قاله -معاذ الله-
هذا والله تعالى أعلى وأعلم
_____
الهامش:
(1) إلى هنا ينتهي الاقتباس من كلام ابن تيمية رحمه الله وللمصداقية لم أقرأ كتاب درء تعارض العقل والنقل إنما سمعت قطوفا مشروحة منه للدكتور عبد الله العجيري.
(2)هذا لا يعني أني "الكاتبة" موافقة تماما على الإطلاق الشامل بأن خبر الآحاد -غير المتواتر- يفيد العمل ولكن نقلت الرأي أعلاه لأن عليه غالب أهل السنة وتحدثت باسمهم، أما أنا فأميل لما قاله أبو زيد الدبوسي: فأكثر الأهواء والبدع كانت من قبل العمل بخبر الواحد وقبوله اعتقاداً أو عملاً بلا عرض له على الكتاب والسنة الثابتة، ثم تأويل الكتاب لموافقة خبر الواحد وجعل المتبوع تبعاً وبناء الدين على ما لا يوجب العلم يقيناً فيصير الأساس علماً بشبهة فلا يزداد به إلا بدعة وكان هذا الضرر بالدين أعظم من ضرر من لم يقبل خبر الواحد…
(3) كلام الأئمة بالمقال منقول من ﺷﺒﻜﺔ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻟﻠﺤﻮﺍﺭ
(4) راجع صفحة ١١٦ حتى صفحة ١٢١ وأيضا الصفحات ٣٠١ - ٣٠٢ من الكتاب
(5) ذكرنا أن المتن من اختصاص الفقهاء لا المحدثين ولكن لا بد أن ننوه إلى أن المحدثين لهم دور بتصحيح المتن ولكن ليس من جهة فقهية بل من جهة حديثية "العلة في الحديث أو الشذوذ"
(إعداد فريق عالم الأكاذيب)
الصورة من تصميم المُصمم: محمد مهدي
الصورة من تصميم المُصمم: محمد مهدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق