الجمعة، 14 أغسطس 2015

كيف نفسر قصص السحر والشعوذة التي يحكيها الناس؟

 


رد عالم الأكاذيب:

نحن لسنا مطالبين بتفسير هذه الظواهر، بل هؤلاء الناس الذين يدعون حصولها مطالبون بالإتيان بالدليل!

أي ادعاء مهما كان يحتاج لبرهان ودليل علمي، ولذلك لا يكفي الاستدلال بالقصص والتجارب الشخصية، على وزن "سمعت" و"قيل لي" و"صديقتي حصل لها"، هذه الأمور لا تعتبر دليلًا.





أسباب رفض التجارب الشخصية كدليل:

1/ بسبب احتمالية الخطأ والنسيان والمبالغة والتهويل وغيرها من عوارض تطرأ على الإنسان فتقلل من مصداقية كلامه، وخصوصا وأننا نعرف جهل الناس الشديد بالعلم، وكيف أنهم يميلون لتفسير كل ما لا يفهمونه على أنه (سحر، خارقة، شعوذة... إلخ)، ولو عادوا لأهل العلم وطلبوا منهم دراسة الظاهرة عن قرب لوجدوا لها تفسيرًا علميًا سليمًا.

مثلا كان الناس في الماضي يفسرون الكثير من المشاكل النفسية المُلاحظة على أنها تلبس جني، لكن العلم جاء وفسر الموضوع وعالجه بالعقاقير!... إلخ. ناهيك على أن العلم أصلا يتطور بشكل كبير، وما لا نفمهم اليوم، قد نفهمه غدًا بإذن الله... وعلينا كمسلمين أن توقف عن الحديث في أمور الغيب، وما لا نفهم تفسيره نسكت ونقول "الله أعلم"، فمن السذاجة والتقوِّل في علم الغيب عزوه لأمور خارقة.
 
مثال عن ظاهرة علمية فسرها الناس على أنها خارقة طالع المقال التالي: 
صحة المقاطع أو الصور التي تزعم ظهور ملائكة فيها!

وأضيف أيضا بأن هناك أناس ادعوا بأنهم رأوا صحونًا طائرة بأم أعينهم، وهناك من ادعوا رؤية كائنات خرافية، وهناك من ادعوا حصول أمور خارقة لهم... إلخ... فهل نصدق كل هذه الدعاوى أم نطالب بالدليل؟ المنطق والعقل والعلم يطلب الدليل، يطلب الإثبات، يطلب البرهان... وإلا فلا نصدق دعاواهم.

2/ تصديق التجارب الشخصية دون المطالبة بدليل يفتح الباب على مصراعية للكذابين والدجالين والملفقين، ويصبح أي كان يستطيع أن يدعي أي ادعاء ويجري الناس وراءه مصدقين! مع أن الشعار الذي تعارف عليه البشر على مرّ الأزمان هو (البينة على من ادعى).

3/ الإنسان حين يؤمن بشيء ما فإنه لا إراديا سيعمل على إنجاح ذلك الشيء، المريض الذي يؤمن بأن سبب مرضه هو السحر، سيُشفى مباشرة لو أتيته بخيوط وعقد في بيته وأحرقتها مدعية بأني فككت عنه سحره! بالمقابل يمكنك جعل أي كان يمرض لو أقنعته بأنه مصاب بسحر أو عين! لأنه مؤمن من البداية فيؤثر إيمانه على حالته النفسية وبالتالي على جسده.
 
تأثير معتقدات المرء على حالته الصحية مثبت علميًا: وأنصح بمطالعة المقال التالي لمزيد من التفصيل: (اضغط هنا)


4/ تحصل الكثير من الأشياء بمحض الصدفة، بعض الناس يتطيرون بالقطط السوداء، ولو حصل لأحدهم أمر سيء بعد رؤية تلك القطة السوداء فإنه سيجعلها هي السبب وراء مصيبته! لكن كل ما في الأمر هو أن تلك المصيبة كانت مقدرة عليه من البداية سواء رأى قطة أم لا...

ولهذا لنفي احتمالية الصدفة، في الأوساط العلمية يقوم العلماء بتكرير التجربة عشرات وأحيانا مئات المرات ليتأكدوا من أن النتيجة ليس صدفة... في حالة مثال القطة: يجب أن نحسب جميع المرات التي التقى بها الشخص بقطة سوداء ونرى إن احتوت تلك المرات جميعها على مصائب؟ ولا تكفي مرة واحدة حصلت فيها مصيبة كدليل، لأن تلك المصيبة قد تكون مجرد صدفة.

نفس الأمر بخصوص الشعوذة، قد تتحقق نبوءة المشعوذ فقط بمحظ الصدفة! وبالتالي لإثبات بأن ذلك المشعوذ حقًا يستطيع التنبؤ بالمستقبل يجب أن نسجل جميــــــــــع نبوءاته ونرى هل تتحقق جميعها؟ حيث لا تكفي نبوءة واحدة قد تكون تحققت صدفة كدليل! وفي الحقيقة لو قمنا بهذا لوجدنا بأن أغلب نبوءاته أصلا لا تتحقق، لكن الناس تنسى النبوءات التي لا تتحقق، وفقط تتذكر تلك النبوءات التي تحققت! بل سنجد بأنه أصلا في النبوءة الواحدة يتحقق فقط جزء منها لا كلها! لكن الناس تنسى كل ذلك وتتجاهله!


5/ للأسف كما ذكرت يتذكر الناس فقط المرات التي ينجح فيها السحر أو الشعوذة (هذا رغم قلتها)... أما المرات الكثيــــــــــــــــــــــــرة التي يفشل فيها الأمر فإنهم يتجاهلونها أو يقللون من قيمتها بتعليلها بتفسيرات مختلفة، مثل: "أنت لا تؤمن بالسحر ولذلك لم تنجح التعويذة" أو "لم تقرأ التعويذة بالشكل المطلوب" أو "ساحر آقوى تدخل لإفشال الأمر"... وغيرها من طرق ملتوية يتهرب فيها المشعوذ من فشله!

ختامًا:

رغم أن العقلاء من البشر كانوا ومازالوا يطالبون بأدلة علمية قاطعة على هذه الأمور، إلا أنه للآن لم يأتِ أي شخص بذلك الدليل المنشود! هذا رغم أنه توجد جوائز بمبالغ قيمة لأي مشعوذ أو ساحر يقدم أدلة علمية على هذه الأمور!


فإن كانت هذه الأمور حقيقية حقًا، فيا أيها السحرة تقدموا للمختبرات العلمية وأثبتوها! نحن ننتظركم من سنين! فما الذي يمنعكم؟
 
طالع هنا: من يعرف جنيا يتلبسني؟ (اضغط هنا)


كل ما نطلبه بسيط وهو: أن يتم إثبات الأمر بالطريقة العلمية التجريبية، وتُنشر نتائج البحث في مجلة علمية مرموقة ليراجعها علماء آخرون يقيمونها ويزنوها وينتقدوها وهكذا... وحتى في هذه الحالة تسمى الدراسة (أولية) وتحتاج لأن يكررها علماء آخرون فإن حصلوا على نتائج مماثلة ترسخ الأمر أكثر وزادت مصداقيته...


إضافات توضيحية:

هذا المقال ليس إنكارًا للغيبيات المثبتة بديننا، فنحن نؤمن بالجن والملائكة والغيبيات المذكورة بالقرآن بنصوص صريحة محكمة، فنحن لا نرفض الغيبيات بل نرفض تفسيرات الناس لما يحصل في عالم المادة بتفسيرات غيبية لا دليل عليها! حيث أن هناك فرقا بين نصوص الشرع المحكم التي لا ينكرها مسلم، وبين ما يخضع للتأويل واختلف في فهمهم قديمًا وحديثًا، مثل موضوع الجن والحسد والسحر.

قد يأتي شخص ويقول العلم ما زال قاصرًا وكثيرة هي الظواهر التي لا تفسير عليها، وأقول كون العلم قاصرًا عن إيجاد تفسير لظاهرة ما لا يعني وبشكل تلقائي بأنها ظاهرة خارقة سببها الجن أو السحر! بل يعني جهلنا كبشر والسكوت عن الخوض في تفسيرات دون علم (وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا)، العلم يقول لا أعرف تفسير هذه الظاهرة، لكن لماذا أنتم تفسرونها على أنها جن؟ ما دليلكم؟ هل شاهدتم الجني بعينكم وهو يقوم بتلك الظاهرة؟! إنه مجرد تقول وافتراء لا دليل عليه سوى أوهام الناس!

هناك 4 تعليقات:

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اخي اظنك على اطلاع رائع وراق لكن ليس لكل شيء حقيقة علمية مثبته وملموسة كما تعلم فعالم الغيبيات لا يدرك فكيف تدرك عالم الجن ولا اظنك تنكرهم قال تعالى (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) بل اثبت ان الله تعالى حسيا موجود بدلائل حسية لا عقلية -طبعا اعلم يقينا ان الله موجود - وكذلك السحر وغيره بعضها له حقيقه ذكرها القران (ان ما جئتم به السحر ان الله سيبطله ) ان لم يكن له حقيقه لماذا قال تعالى انه سيبطله ؟ وكذلك العرافة قال تعالى يحكي عن الجن (وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا ) العراف يتلقى ما كان يسمع الجن ويزيد من عنده وغيرها من الامثلة كثير نعم اتفق معك الناس تستعملها شماعة للاخطاء لكنها موجودة بنظري حتى الاديان الاخرى ذكر فيها السحر وغيره من الغيبيات تقبل مروري واشكرك على فكرة المدونة فهي جدا مفيدة .

    ردحذف
    الردود
    1. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      شكرا على تعليقك اللطيف أخي الفاضل، ومرحبا بك، وجهة نظرك معتبرة جدا، وإن كنت أختلف معها شخصيا، لكن الاختلاف لا يفسد للود قضية، فالمهم هو بأننا نؤمن بوجود السحر والجن كما ذكرهم القرآن، الفرق هو أننا نختلف في مدى وكيفية تأثير كل واحد منهما في عالمنا الملموس

      حذف
  2. السلام عليكم..
    بالنسبة للأبحاث التجريبية، هذه أمنيّتي بأن تقام على مجالات مثل السحر والمس ودخول الجن مع إيماني بالجن والسحر طبعا
    ولكن كما يلاحظ قارئ القرآن وحتى السنّة، يجد أن السحر له أثر "توهّمي" (فسحروا أعين الناس) (فخيّل له من سحرهم أنها تسعى)...
    يعني ليس للدرجة المهولة التي يتداولها الرقاة والعامة والمؤمنون، من غير المسلمين أيضا !!

    - ولكن ماذا لو عجز العلم التجريبي عن إثبات الخطأ ؟! أو حتى الإحصائيّ.
    الجواب في نظري، هو التوقّف عن التوسّع في التفسيرات والتأويلات، لأن الانزلاق وراءها والخطأ والخرافة سهل للغاية عكس المنهج العلميّ الذي لن يعطي إجابة كافية لا شكّ، ولكنّه على الاقل سيسلم به عقلنا وديننا

    ولو كان في الأمر خير وتفصيل مهم وضروري له علاقة بالمرض والعطب والهلاك، لما كان الشرع مفرّكا في تبيانه كيف وهو مصدره الوحيد !! عكس أمورنا المادية وعالمنا الطبيعي. حاشا أن يكون الوحي ناقصا وغير مبين لأمر فيه سلامة الناس وليس له حلّ إلا من الله تعالى علام الغيوب !؟

    (ح.خ)

    ردحذف
  3. يا اخي الكريم أشكرك على محاربتك للخرافة وتعظيمك للعلم ولكن ينبغي أن تعلم أن الله أوجب علينا أن نستسلم لكل ما أخبر عنه ولو لم نستطع فهمه بالعلم التجريبي ألست تقرأ في القرآن ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا؟
    بالله كيف تفهم هذه الآية أخي الكريم؟
    الله يقول وما أوتيتم من العلم إلا قليلا وأنت تقول لابد أن نعلم حقيقة كل شيء!
    قبل 200 سنة لو حدثت شخصا عن الجوال لسخر منك واتهمك بالجنون ثم مع مرور الأزمان صار الحوال حقيقة علمية لها ما يفسرها إذن فهذا أمر نسبي يختلف من زمن إلى زمن ومن شخص لآخر...
    يا أخي أنصحك بالتقيد بنصوص الشرع واخضاع عقلك لها فالعقل له امكانية محدودة مثل السمع والبصر وغيرها من أعضائك فلا تكلف عقلك ما لا يطيق...
    أنت في مشكلة مع الشرع لو تجاهلت النصوص الصريحة الصحيحة التي أخبرتنا بوجود السحر وأخبرتنا بوجود الجن وأخبرتنا بوجود العين ...

    ردحذف

| مقطع مرئي |

اكتب عنوان بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا: