الأحد، 11 ديسمبر 2011

تأويل وتفسير الأحلام حقيقة أم خرافة؟


أولًا: تفسير الأحلام من الناحية الدينية

يقول الله تعالى في سورة يوسف (آية 6): (وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ...)، "وكما أراك ربك هذه الرؤيا فكذلك يصطفيك ويعلمك تفسير ما يراه الناس في منامهم من الرؤى مما تؤول إليه واقعًا" (التفسير الميسر)

هذه الآية واضحة في دلالتها على أن قدرة يوسف عليه السلام في تأويل الرؤى كانت من تعليم الله سبحانه وتعالى. إن كان الأمر كذلك فالسؤال الذي نطرحه هو: "يا ترى من يفسر الأحلام على أي أساس يفسرها؟ أقصد من علمه أسس وقواعد تفسير الأحلام؟". هل توجد آيات من القرآن أو أحاديث من السنة الصحيحة تخبرنا وتبين لنا أسس وقواعد "علم تفسير الأحلام" فنمشي عليها ونتعلم من خلالها قوانين وأسس هذا العلم فنفسر الأحلام على أساسها؟ طبعا لا، لا توجد مثل هذه الآيات والأحاديث. 

فمن أين تعلم المفسرون هذا العلم وخرجوا علينا بالفضائيات يعبرون الأحلام يمينا ويسارا؟! لن يقول أحد بأن الله سبحانه وتعالى هو من علمهم كما علم يوسف عليه السلام، فهذا ادعاء خطير وافتراء على الله ولا يكون إلا لنبي موحى!  

إذن بما أنه لا توجد آيات قرآنية أو أحاديث صحيحة، ولا يوجد وحي من الله يعلمنا هذا العلم، فهذا لا يعني سوى سقوط ما يسمى بـ "علم تفسير الأحلام"، فلا هو يستند لوحي ولا هو يستند لدليل شرعي... ولأنه كذلك فهو من الافتراء على الغيب والتقول على الله بغير علم! أن يدعي شخص أن الرؤيا الفلانية تعني كذا وكذا فهذا ادعاء خطير يدخل في مجال علم الغيب، والغيب لا نتقول فيه بدون وحي من الله، بدون دليل صريح قطعي صحيح من القرآن أو السنة، وإلا فالأمر دجل وكذب وخداع!

بل إن قدرة يوسف عليه السلام على تعبير الرؤى هي من معجزاته عليه السلام، والمعجزة لا تكون إلا لنبي، وإلا لاستطاع أيٌ كان أن يدعي أنه نبي!


ثانيًا: لكن ماذا عن ابن سيرين وكتابه في تفسير الأحلام؟!

كتاب "تفسير الأحلام" هناك شك في صحة نسبته لابن سيرين أصلًا (2)! وحتى لو صح أنه لابن سيرين فعلا فهو اجتهاده البشري الشخصي وليس حجة علينا ولسنا ملزمين باتباعه.


ثالثًا: هل يمكن للحلم أن يكون ذو معنى خفي؟ أو أن يكون رسالة من الله؟ وكيف نستدل على معناه إذن؟ وكيف نفرق بين الحلم العادي وبين الرؤية التي تكون من الله سبحانه وتعالى؟

أقتبس لكم الكلام التالي لخالد باظا (1): "الرؤيا هي رسالة إلهية موجهة إلى رسل الله، إما يرسلها الله لرسله مباشرةً، أو يرسلها لأحد، ويلهم النبي بتفسيرها.

وبالتالي فالرؤيا في النهاية هي وحي من الله يخاطب أنبيائه، ولا يملك القدرة على تمييز الرؤيا عن الحلم إلا نبي، ولا يستطيع تفسير الرؤيا يقينًا إلا نبي.

ومما يؤكد ذلك:

– لا يوجد أي معيار للتمييز بين الرؤيا والحلم. والأصل أن ما يراه النائم هو حلم، أما ادعاء أنه رؤيا من الله فهو ادعاء يحتاج إلى دليل من نبي.

– حتى إن ثبت أن ما رآه النائم رؤيا من الله، فلا يوجد أي قواعد لتأويل الرؤيا. وكل تفسيرات الأحلام لا تتجاوز الانطباعات الشخصية!

كما أن دلالات الرموز تختلف باختلاف الثقافات والأزمنة، مثلًا البيت بالطوب اللَّبِن في إحدى الثقافات يعبِّر عن بيوت السكن، وفي ثقافات وأزمنة أخرى يعبِّر عن القبور.

لذلك إن عرضتَ حلمًا واحدًا على عشر مفسرين ستجد عشر تأويلات، ولا يمكن أن يرسل الله رسائله ويتركها لهذا العبث والتفاوت في التفسير!
[...]

– مما يثبت أن تأويل الرؤيا هو إلهام من الله يوحيه إلى أنبيائه فقط وليس علمًا مكتسبًا هو تأكيد يوسف في أكثر من موضع على تعلمه هذا التأويل من الله مباشرةً.

(وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ).

(وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ).

(ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي).

(رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ).

وقد كان تعليم الله ليوسف تأويل الرؤى أحد أكبر معجزاته الدالة على نبوته.

– أجمع الفقهاء على أن الرؤيا ليست مصدرًا للتشريع، فلا يمكن أن يرى نائم رؤيا بحكم فقهي ويلزم أحدًا به.
[...]

– ادعاء أن الرؤيا ستتحقق في الواقع هو ادعاء بالتنبؤ بالغيب، وهو معجزة لا تحدث إلا لنبي.
[...]

النتيجة:

كل ما يراه البشر في منامهم هي أحلام نابعة منهم، تعبِّر عن رغباتهم، أو تخوفاتهم، أو مؤثرات حسية، أو ترتيب المخ للذكريات، وليست رؤى إلهية، إلا لو فسرها نبي بأنها رؤيا من الله." انتهى كلامه.



(1) خالد باظا، تفسير الأحلام دينيًا (نقلا عن صفحته بالفايسبوك)



هناك 7 تعليقات:

  1. شكرا لكِ يا فاطمة، سعيدة بمروركِ :)

    ردحذف
  2. حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فى موضوع الرؤا والاحلام من كتاب صحيح الامام مسلم عن ابى فتاده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال"الرؤيا الصالحه من الله والرؤيا السوء من الشيطان فمن رأى رؤيا فكره منها شيئا فلينفث عن يساره وليتعوذ بالله من الشيطان لا تضره ولا يخبر بها احد فأن رأى رؤيا حسنه فليبشر بها ولا يخبر الا من يحب" اولا "من رأى رؤيا فكره منها شيئا" لم يقل الرسول اسأل احد يفسرهالك بل قال ان لا يخبر بها احد اذن الاحلام السيئه لا يجب سؤال اى احد فيها مهما كان علمه لأنه لا يجب ان يخبر بها احد ثانيا "فأن رأى رؤيا حسنه فليبشر بها ولا يخبر الا من يحب" اذا شاف رؤيا حسنه لا يخبر بها احد الا من يحب ومن هم من يحب ويتأكد من حبهم له الا ان يكون صديق عزبز جدا جدا جدا او والدته او ابوه او اخوه او زوجته فاذا قالها لاحد على الموقع او برنامج ليفسرها له فقد اخبر الناس جميعا وهنا قد خالف كلام رسول الله او اذا كان حتى لعالم فى السر فهوا لا يحب العالم الحب المقصود لانه مجرد اعجاب بهذا العالم اذا ليس هناك تفسير للاحلام فى جميع الاحوال قبل ما اختم احب اقول ان الكلام دا من اجتهادى بتفسير حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا ببحث فى الاحاديث عن مواضيع الاحلام والرؤا زكمان كلمه فليبشر لو وضعنا عليها التشكيل فهى بمعنى يفرح وليست بمعنى ان يقول للناس

    ردحذف
  3. السلام عليكم

    شكرا لك أخـ(ت)ـي على الاضافة القيّمة =)!

    معك حق، أنا أيضا أفهم من الحديث أن لا "نكبر" من أمر الرؤيا ونكتفي باخبار من نحب...

    بارك الله فيك على الاضافة والمشاركة =).

    ردحذف
  4. ازجو ايضا من فضيلتكم ان تتبعوا السنة والقران فى تفسير الاحلام وكلام اهل العلم وجزاكم الله عنا كل خير

    ردحذف
  5. شكرا على الموضوع المفيد والرائع .. ابدعت الاخت

    ردحذف

| مقطع مرئي |

اكتب عنوان بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا: