الأربعاء، 12 سبتمبر 2018

تأملات في فيلم The Exorcism of Emily Rose

فلم The Exorcism of Emily Rose 2005 فلم استثنائي وأفضل ما أنتج في نظري حسب ما شاهدتُ في هذا النوع. (ستعرفون لماذا في السطور القادمة)


الفلم يبدأ بمحاكمة قسّ كان مسؤولا عن "إخراج الشيطان من فتاة يُظنّ أنها ملبوسة" بتهمة "الإهمال المؤدي للقتل". وتتخللها مشاهد مما وقع. وكان تمثيل الفتاة مثاليا.. في تعابير وجهها وصرخاتها...

قررت الشرطة استدعاء رجل قريب من الكنسية (كاثوليكي) في دور المدعي العام، يتّسم بالشراسة والصرامة (جلاخة). فكان الرجل الذي في الصورة، "مؤمن ولكن عقلاني وعلميّ" (أحببتُه حقيقة ههه)

- وقال شيئا ظريفا يوضح "الإشكالية": (سيدي (متوجها لأب الفتاة) أنت تقرأ الإنجيل صحيح؟ قال: نعم: قال: أنا أيضا، وهل تقرأ كتاب "الدليل التشخصي والإحصائي للأمراض النفسية DSM" قال: لا. ولم أبلغ بتعليمي ذلك المستوى...) 

* لماذا تميز الفلم عن غيره؟ لأسباب وإشارات في الفلم لمن التقطها:

- عائلة المريضة مؤمنة بشدة وقروية ( وتعلمون معنى أن تكون قروية هنا.. أي غير مثقفة)

- الماضي المرضي لإيميلي: كانت تأتيها نوبات صرع épilepsie وتشنجات

- عُرضت الأحداث بطريقة تؤيد من يصدق المس الشيطاني، وأيضا بطريقة تؤيد من لا يصدق ذلك! مثل أن تكون تخيلات الفتاة حتى ونحن نراها، عبارة عن توهمات خاصة بها ولا تقع حقيقة. (اضطرابات ذهانيّة)

- عرْضُ بعض السلوكيات التي يمكن تأويلها، مثل: أكل الحشرات، خبش الجدران. فهي لا تعني شيئا من حيث الدلالة على المسّ الشيطاني.

- غياب أحداث أو أعراض خارقة، مثل تغير لون عينيها، أو تحريك الأشياء، أو الطيران..عكس أفلام أخرى... فقط اتساع البؤبؤ mydriase الذي يمكن تفسيره بالحالة النفسية، ورفض الأكل، وتدهور الحالة الصحة وشكل البشرة...

- كلامها باللاتينية أو ذكرها لبعض الأسماء من الأساطير... يمكن تفسيره بدخولها لمدرسة دينية تُعلّم اللاتينية. أو تفسيره بأن فيها شيطانا "رومانيا" 

- تحدثها بصوتين في آن واحد... شيء يتدرب عليه بوذيو التيبت Tibet... أو أنّ شيطانا يتحدث داخلها 

- حالة الفزع التي كانت في الإسطبل.. وقت كانوا يصرعونها.. ففزعت الأحصنة وهاجت، وخرجت الجرذان هاربة، حتى يوحي ذلك بحضور "شيطاني".. إلا أن ذلك تزامن مع رعد وبرق ورياح ضجّت بها الأبواب

- أحاسيس من عمِل على القضية كالمُحامية (اللاأدرية agnostique) كانت مختلطة مع هلاوس سمعية قد تنتج عن التأثير والانخراط في كل ما قرأته عن الحالة وما سمعته من القسّ...

كل هذا ليترك المخرج القضية متعلّقة كما هي في الواقع باعتقادات كلا الطرفين. وقد نجح في ترك القرار للمشاهد.

والأهمّ من ذلك أنه نبّه على التزامن والارتباط بين الأحداث والأعراض المرضية التي يجهلها غير المتخصصين، وأنّه سبب لاعتقاد كثير من الناس بأن الشياطين تسكن الإنسان!

محاكمة ماتعة حقا.. وستزيدُ المتعة كلما كان المُشاهد مطلعا على بعض المفاهيم.

- ملاحظة: قرأت تعليقا يسب القسّ ويتهمه بالنصب والاحتيال، وهذا غباء، ومنطق يجعل من المخطئ شريرا بالضرورة، مع أن مصائبَ كبرى تكون عن حسن نية. أما الفلم فقد عكس صورة القس الصادق المحب للمريضة والمتفاني في قضيّته.

فمع هذا الصدق تصير القضية علمية أكثر منها أخلاقية. يعني "صدقه لم يشفع لجهله"! وأن صدق وإيمان وتقوى "الرقاة" شيء. وجهلهم بالأمراض والطب النفسي وعلم النفس شيء آخر. ولا يُعتمد عليهم في هذه القضايا من أجل إيمانهم وصدقهم فقط !!

حسن خالدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

| مقطع مرئي |

اكتب عنوان بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا: