الثلاثاء، 21 أغسطس 2018

سرقة الصور

للأسف كثيرا ما نأخذ من العلم قشوره، أما لبه وما يميزه فعادة ما نحن في نأي عنه
كثرت الصفحات العلمية على الفايسبوك، وهو أمر جيد، حتى صار لكل بلد باحثوه.

يعيب الكثيرون على هذه الصفحات أنها صفحات ترجمة لا أكثر، ولا أرى بأسا من الترجمة وهي خطوة حميدة نحو طريق أن نتحول من ناقلين لمنتجين
لكن ما أريد أن أتحدث عنه اليوم، هو نوع من السرقة تقوم جل هذه الصفحات به دون هوادة... إنها سرقة الصور.

تتميز هذه الصفحات بنشر مقالاتها المترجمة مرفوقة بتصاميم جذابة، تلفت نظر المتابع، ما يوحد هذه التصاميم هو شعار الصفحة ومعلوماتها في الحواف والأطر، لكن من أين تأتي هذه الصور الجميلة؟ وإلى من يعود حق ملكها؟

سأعرض بعض الأمثلة التي استوقفتني من تلك الصفحات لتوضيح الفكرة:

قصة كرتونية أو كاريكاتيرية مصورة وكلام شخصياتها مكتوب بالعربية، من راسمها؟ لا يوجد أي ذكر... طبعا بقليل من البحث فإن الصورة مسروقة من صفحات أو مواقع إنجليزية أخرى، تُنقل ويحذف الكلام الإنجليزي ليوضع فوقه العربي، ثم يضاف شعار الصفحة العربية السارقة، وكأنهم هم راسموا الصورة ومبدعوها!!

أو مثلا صورة مايكروسكوبية لمجموعة من الخلايا، وكل ما نجده هو الشرح العلمي، دون ذكر مصدر الصورة ومن صورها!

 
مع أن الأمانة العلمية تقتضي ذكر كل ذلك، لكن المصيبة هي أنهم ليس فقط لا يذكرون المصدر بل يضعون شعار صفحتهم فوق وكأن الصور ملك لهم!

يا إخوتي... إن ذكر مصدر الصور مهم ليس فقط لحفظ الحقوق، لكنه أيضا مفيد للمتلقي والذي يستطيع أن يبحث ويتأكد من مصداقية الصورة، فما يدريني إن كانت صورة الخلايا موثوقة؟ لا شيء يغني عن المصدر لكي أتأكد.

سيقول لي البعض: أنت تبالغين، إنها مجرد صور، ولا يحتاج الأمر كل هذا التعقيد، ويكفي هذه الصفحات العلم الذي تنقله لنا ونستفيد منه.

وسأقول: إن للعلم أسسًا يقوم عليها، ولديه قوانين متعارف عليها، ومن أهم ما يميزه هو الأمانة، الأمانة تعني أني قبل أن أنقل أي شيء يتحتم علي ذكر مصدره... لماذا؟ لأني حين لا أذكر المصدر يتوهم للقارئ بأن الصورة أو الكلام من إبداعي أنا، ومن حق صاحب الصورة أن تنسب له.

إن المؤسسات العلمية لا تتساهل أبدا في هذا الأمر، والجامعات المرموقة المعتبرة تعاقب طلبتها ومدرسيها بشدة لو وجدتهم ينشرون شيئا دون ذكر مصدره، الأمر لا تساهل فيه بل قد يطرد الطالب أو يحرم من حق التخرج من الجامعة! وهم قبل ذلك يعلمون طلبتهم من البداية أسس النقل والأمانة العلمية ووضع المصادر.

قد يقول قائل، هوني عليك... نحن لسنا بصدد جامعات علمية، ولسنا أمام بحوث منشورة رصينة، فأقول إن الأمانة أمانة أينما كنا، ولا يوجد مكان تُسمح فيه السرقة ومكان لا تسمح فيه! وخصوصا أننا بصدد التحدث عن صفحات تتغنى بشعار العلم، وهدفها كما تدعي نشره للعرب، فحري بها أن تلتزم بأهم مبدأ من مبادئه، وهو الأمانة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

| مقطع مرئي |

اكتب عنوان بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا: