-شو يا جماعة راقبتو الشمس الصبح؟؟؟
-آه والله أنا حاسس ليلة القدر كانت 25 رمضان
-والله؟ غريب أنا حسيتها ليلة 23 كانت الشمس هيك طافية..
هذه الحوارات نسمعها كل رمضان فهل دلائل المتحاورين صحيحة؟
نقتبس لكم الكلام التالي للشيخ عصام تليمة (1):
"والمدقق في هذه العلامات التي تشيع بين الناس، سيجد أشهرها ما يلي: أن ترى الشمس تبدو في صباح هذه الليلة صافيا بلا شعاع، وليست شديدة التوهج. وألا تسمع في هذه الليلة صوت نباح الكلاب، وأن تمطر السماء في هذه الليلة. وهذه علامات لا يدل عليها دليل شرعي ثابت نحكم بها بيقين بصحته، وأنها علامة لازمة، والباحث في كتب السنة النبوية وشروحها، سيجد أن العلامات التي ذكرت كلها موضع خلاف شديد، وليست محل اتفاق أو إجماع، أو توافق كبير، وقد ذكر الإمام ابن حجر في كتابه: (فتح الباري بشرح صحيح البخاري) في تحديد ليلة القدر، (46) رأيا وقولا فيها، وهو ما يدل على اهتمام العلماء والناس بها، ويدل على مدى الاختلاف الشديد فيها.
علامات لا تصح عن ليلة القدر:
وهناك علامات تشيع بين الناس عن ليلة القدر، والمتأمل لها سيجد أنها لا تصح أن تكون علامات تعتمد، وإن اشتهرت بين الناس، فقضية ألا تسمع صوت نباح الكلاب، فهذا ربما يكون في منطقة هادئة لا يحيا فيها حيوان مثل الكلب، بينما هناك مناطق في بلدان مسلمة، لا تخلو مطلقا في أي ليلة من نباح الكلاب، وبخاصة في المناطق التي ينتشر فيها الكلاب الضالة، وهو ما يوقع الناس في نظرة سطحية ومتناقضة للدين، فما ذنب المناطق التي لا تتسم بالهدوء، وماذا لو أن منطقة هادئة لم يسمع فيها صوت الكلاب، بينما سمع آخرون في منطقة أخرى، فكيف تكون في منطقة ليلة القدر، بينما تحرم منها منطقة أخرى، ولو قلنا باختلاف المناطق، لقلنا أيضا بتعدد ليلة القدر، وأنها تأتي في عدة أماكن.
صفاء ضوء الشمس ليس دليلا:
ونفس الحال، بمن جعل صفاء الشمس في صباح الليلة، فماذا يفعل أهل الخليج لو كان رمضان في أشد أيام الحر والرطوبة، أو بلدان إفريقيا المشهورة بشدة حرارة الشمس؟ وماذا يفعل المسلمون في بلاد لا تصفو فيها الشمس إلا أياما معدودة من السنة، مثل: لندن، المشهورة ببلد الضباب، وهل جاء الإسلام ليخص بعض البلدان في جزيرة العرب بليلة القدر، ليحرم المسلمين في بلدان أخرى؟!
نزول المطر ليس علامة لليلة القدر:
وأيضا علامة المطر، وهي حدثت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سنة من السنوات، وأنه سجد على الطين، هذا لا يعني أنها من علامات ليلة القدر، لأنه أيضا يقال عنها ما قيل عن العلامات السابقة، فما ذنب دول لا ينزل فيها المطر إلا قليلا، وربما يمر عام كامل ولا تهطل الأمطار، بينما سنجد ذلك متوافرا في بلدان مثل تركيا، وبلدان أوروبا، وبلدان أخرى طبيعة الطقس فيها كثرة الأمطار.
ولو صحت هذه العلامات لليلة القدر، لكانت ظاهرة كونية، تكون إعجازا خاصا بالمسلمين، فيعلن المسلمون أن الكون في ليلة معينة عندنا، أو في العشر الأواخر سيتعرض لظاهرة كونية فريدة، وهي هذه العلامات، وهو ما لا يصح شرعا ولا كونيا، ولم يعهد ذلك على مدار تاريخ الإسلام منذ النبوة حتى الآن، فقد انتهت مسألة المعجزات أو الظواهر الكونية التي تأتي موافقة لأمر ديني، وظلت المعجزة الكبرى للإسلام في قرآنه الكريم، وهو معجزة تشريعية ولغوية."
انتهى الاقتباس ومنه يتضح لنا أن الدلائل ظنية فالمطر مثلا -كما ورد بالحديث- أو شعاع الشمس كما نرى قد يختلفان من بلد إلى آخر بسبب التقلبات الجوية.. ولا يعقل أن تكون ليلة القدر مختلفة من بلد لآخر.. كل بحسب طقسه!!
ما أريد قوله أنه بغض النظر عن صحة أو ضعف دلائل تحديد ليلة القدر فالملاحظ أنها جميعها ظنية الصحة، أو ظنية الدلالة، والسؤال، لم نتبع الظن؟ هل الله أخفى علينا ليلة القدر لنظل نخمن ونجري خلف معرفتها ولو بالظنون؟؟
بالتأكيد هناك حكمة من خفائها علينا، والأحرى بنا أن نتعبده سبحانه ونجتهد في العبادة والالتجاء إلى الله في كل ليلة محتمل أن تكون ليلة القدر.
أقول هذا وأؤكد عليه لأنه لا ينبغي الالتهاء بالظنون عن اليقين الجميل الذي تهز معانيه القلب.. انظروا إلى قوله سبحانه:
(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [سورة القدر 3]
ليلة خير من ألف شهر!!! أي أن الثانية الواحدة بها لها خيرية!
يهزني هذا المعنى، كم الله منعم بالعطايا، والله إنها لتجارة رابحة، فالله يعلم ضعفنا وخطايانا فأعطانا فرصة اغتنام كل ثانية بها بصدق هو غنيمة وتجارة رابحة.. فاللهم لك الحمد.. والله أن كل سجود نعمة، وكل آية يفتح علينا سبحانه بفهمها نعمة، وكل استغفار نعمة، وكل عمل لأجله نعمة... مغبون من يلهو عن العبادة بهذه الليلة، أو يلهو بالبحث عن الدلائل الظنية!!
أخيرا أنوه أني خلال البحث وجدت فيديو لـ: "علي الكيالي" -هداه الله- يتحدث عن ليلة القدر، وبالفيديو تَقَوُّل على الدين بما لم يقله، ولا أريد الاسترسال في تبيان أخطائه لأنها لا تنتهي، فقط أوصيكم بالابتعاد عن الظنون واغتنام ليلة نزل بها كتاب ربكم، وأنعم الله بها عليكم، فاشكروه واعبدوه:
(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [سورة القدر 1 - 5]
طالع أيضا:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق