انتشر بالنت صورة ما أسماه البعض (الصخرة الساجدة)، والصورة عبارة عن تشكيل صخري على هيئة إنسان في وضع السجود، وقد انبهر بها الكثير من الناس ظنا منهم ـ جهلا ـ أنها صخرة ساجدة. ويمكن الرد على هذه الخدعة من عدة جوانب:
أولا: أنه ليس بين أيدينا الدليل اليقيني على وجود هذه الصخرة أصلا لأنه من السهل جدا استخدام برنامج الفوتوشوب أو غيره لخلق مثل هذه الخدعة.
ثانيا: أن من يقوم بنشر هذه الصور صنفان: صنف جاهل ويريد أن يؤثر في مشاعر الناس وإثارة حماستهم الدينية، وصنف حاقد على ديننا ويريد أن يثبت أن المسلمين قوم جهلاء يهرولون وراء كل خرافة إيمانا بها وتصديقا.
ثالثا: مثل هذه الصور تسمى باريدوليا وهي ظاهرة تجعل الإنسان يعطي معنى لأشياء عشوائية لا معنى لها، كأن يرى وجه إنسان ضاحك في أنماط البلاط، أو يرى سحابة تتشكل على شكل تنين، فهذه ظواهر عشوائية نابعة من خيال الإنسان الذي يرى الأنماط في كل شيء ولا معنى لها وإلصاقها بالدين سخف وتفاهة.
أخيرا: من الناحية الشرعية فإن هذا الأمر مرفوض تماما، فحتى لو كانت تلك الصخرة موجودة وحتى لو كانت فعلا على هيئة إنسان في وضع السجود فإنه لا يجب علينا أن نهتم بهذا الأمر أو نعتبره معجزة أو أمرا خارقا للعادة، والسبب أنه حتى لو كانت تلك الصخرة تشبه وضع السجود فإن هذا ليس سجودا منها لله تعالى، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}(41) سورة النور. ولكن تسبيحه وصلاته غير تسبيح الإنسان وصلاته، ومهما وصلنا إلى قمة العلوم فلن نفقه تسبيح تلك المخلوقات، اقرأ معي قول الله تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} (44) سورة الإسراء. فالمسمى واحد وهو الصلاة والتسبيح ولكن الهيئة مختلفة فلكل صلاته وتسبيحه.
الإنسان يسبح لله بكيفية محددة، والصخر يسبح ولكن بكيفية لا يعلمها إلا الله تعالى، المسمى واحد وهو تسبيح، ولكن الهيئة والكيفية مختلفة. لذا من السخرية والعبث أن نسمي هذا التشكيل الصخري بأنه صخرة ساجدة.
فهل لو وجدنا صخرة على هيئة وجه إنسان يضحك سنسميها الصخرة الضاحكة وندعي أن الصخر يضحك وله مشاعر ويفرح ويحزن؟ وهل لو وجدنا صخرة على هيئة رجل يجري سنسميها الصخرة المهرولة وندعي أن الصخرة تجري أو تهرب؟ لا يقول بهذا عاقل.
الكاتب: مجهول
طالع أيضا:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
قل خيرًا أو اصمت: (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)