الخميس، 12 ديسمبر 2013

هل يحق للعقل الحكم على شعائر الدين؟

قلت له: إننا نكتب لغتنا العربية من اليمين إلى اليسار، والأوروبيون يكتبون لغاتهم من اليسار إلى اليمين فما صلة العقل بذلك؟

قال: هذه أشياء تواضع الناس عليها ولا صلة للعقل بها.

قلت: يكفيني ذلك في إجابتك.

هناك أشياء يرفضها العقل حتما، وهذه يستحيل أن تكون دينا، ولا حقائق ولا مراسم.

وهناك أشياء لا دخل للعقل فيها لا سلبا ولا إيجابا.

إن الإنجليز يلتزمون السير شمالا وغيرهم يلتزم السير يمينا وهؤلاء وأولئك لا يوصفون بحمق ولا ذكاء.

فإذا وضع الدين صور العبادات ركوعا وسجودا في الصلاة، وطوافا بالبيت العتيق في الحج، وامتناعا عن الشهوات من الفجر إلى الغروب في الصوم فلا توصف هذه العبادات بأنها مخالفة للعقل.

وقد وضع الدين ضوابط كثيرة لشرائعه ولم يترك هذه الأوضاع لكل ذوق حتى لا تشيع الفوضى.

محمد الغزالي: علل وأدوية

 
ونضيف لكم الاقتباس التالي:





إن الإيمان نصفان: نصف عقل، ونصف نقل!! وقد يُعذَر من لم يبلغه النقل، أما من جحد عقله وسفه نفسه فلا عذر له!.


قال لي صديقي: ماذا تعني؟ قلت له: سبق أن شرحت أني أعرف ربي بعقلي، إن قلبي ينبض بانتظام بين جوانحي، من يحركه؟ أنا؟ أنت؟ ما يحركه إلا الله!.


إن الاولاد يتكونون في بطون أمهاتهم على نحو رائع، من يصنع المخ والحواس وسائر الأجهزة والأعضاء؟ المرأة؟ الرجل؟ من إلا الله؟ إن إنكار الألوهية لون من البهيمية، وما أرى الإلحاد إلا عمًى جديرًا بالاحتقار كله..


فإذا عرفت الله بعقلي فإني لا أعرف كيف أصلي له، وكيف أقوم بحقه، إلا عن طريق نقل من صادق معصوم.


والوحي الصحيح يؤكد المعقولات ويستحيل أن يصادمها، ثم ينشئ عبادات تستريح إليها الفطرة وتتعامل بها مع الله، ومع الناس، فلا تضل ولا تشقى..


عندما حضرت الوفاة الأديب الفرنسي "فكتور هيجو" جاءه القس ليشهد ساعته الأخيرة -أو ليغفر له حسب الشعائر الدينية عندهم- وأبى الأديب الكبير أن يستقبله، قائلا: لا حاجة لي بك، إنني أومن بالله وقد تصدقت بمالي..


لقد هزمتني هذه القصة، وشعرت أن هذا الأديب الكبير أقرب إلى الله من كثيرين لقد آمن بعقله، ولم يجئه نقل صحيح يستريح إليه وهو أولى بالله من رجل الدين الذي جاءه!.


وفي أرجاء الدنيا كثيرون من هذا الطراز، أقروا المعقول ورفضوا المنقول، ولهم عذرهم، وقد تحرك هؤلاء في ميادين العلوم الكونية والحيوية والإنسانية، وكانت أيديهم الطولى في صنع التقدم الحضاري الذي نشهده..
محمد الغزالي: الطريق من هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

| مقطع مرئي |

اكتب عنوان بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا: