الجمعة، 15 فبراير 2013

موقف المسلم من النظريات والآراء العلمية المختلفة


كلمة معتدلة للكاتب المعروف الأستاذ عباس العقاد، قالها بمناسبة الحديث عن (الإنسان) في كتابه (حقائق الإسلام وأباطيل خصومه) معقبا على التعريف الجديد الذي زيد في العصر الأخير عن حقيقة الإنسان، وهو تعريف العلماء النشوئيين القائلين بمذهب التطور -أو مذهب النشوء والارتقاء- ومعظمهم يعرفون الإنسان بأنه حيوان راق، فيضعون هذا التعريف مقابلا لقول القائلين: إن الإنسان روح منكونس أو ملك ساقط من السماء.

ما قول المسلم في هذا المذهب الجديد؟ أتراه يصدقه؟ أتراه يكذبه؟ وهل في نصوص دينه ما يفسر هذا المذهب تفسير الموافقة والقبول؟ وهل في نصوص دينه ما يفسر تفسيرا يوجب عليه رفضه والإعراض عنه؟

يقول الأستاذ العقاد في كتابه (حقائق الإسلام):


"نحن لا نحب أن نقحم الكتاب في تفسير المذاهب العلمية والنظريات الطبيعية كلما ظهر منها مذهب قابل للمناقشة والتعديل، أو ظهرت منها نظرية يقول بها أناس ويرفضها آخرون. ومهما يكن من ثبوت النظريات المنسوبة إلى العلم فهو ثبوت إلى حين. لا يلبث أن يتطرق إليه الشك، ويتحيفه التعديل والتصحيح، وقريبا رأينا من فضلائنا من يفسر السموات السبع بالسيارات السبع في المنظومة الشمسية، ثم تبين أن السيارات أكثر من عشر، وأن الصغار منها تعد بالمئات، ولا يحصرها الإحصاء! فليس من الصواب إذن أن نقحم العقيدة في تفسير أقوال وآراء ليست من الأصول في علومها، ولا يصح أن تتوقف عليها الأصول، وحسب الدين من سلامة المعتقد وموافقته للعقل: أنه لا يحول بين صاحبه وبين البحث في العلم، وقبول الرأي الذي تأتي به فتوح الكشف والاستنباط. وعلى هذه السنة يرجع المسلم إلى آيات كتابه وأحاديث نبيه، فلا يرى فيها مانعا يمنعه أن يدرس التطور ويسترسل في مباحثه العلمية إلى حيث يلهمه الفكر وتقوده التجربة.

قال تعالى: (ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (6) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ (9)) ]السجدة: 6 – 9[. وقال: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12)) ]المؤمنون: 12[


وإذا اعتقد المسلم أن خلق الإنسان الأول مبدوء من الأرض، وأنه مخلوق من سلالة أرضية، فلا عليه بعد ذلك أن يسفر مذهب التطور عن نتيجته المقررة كيف كانت على الوجه القاطع المتفق عليه، فما يكون في هذه النتيجة نقض لعقيدة المسلم في أصل الإنسان: أنه جسد من الأرض، وروح من عند الله، وليس في وسع العالم النشوئي أن يدحض هذه العقيدة برأي قاطع أحق منها بالتطبيق والإيمان". أ. هـ.


يوسف القرضاوي، كيف نتعامل مع القرآن العظيم؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

| مقطع مرئي |

اكتب عنوان بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا: