بالبحث فى كشف طبيعة الوجود اللاماديّ فى القضايا الميتافيزيقية المترتبة على
التصورات أو المفاهيم والقوانين العلمية، مثل المادّة والطاقة والزمان والمكان
والكمّ والكيف والعلّة والقانون والوجود الذهنى وغيرها، والموضوع يحتاج لتعمق
أكبر للحكم عليه، حيث يعتقد الملحدون (Atheists) والذين لا يؤمنون بما
وراء المحسوس (الميتافيزيقيا)، يعتقد هؤلاء من الناحية العلميّة مستندين إلى كلام
أهم علماء الفيزياء النظرية والكونية أمثال ستيفن هاوكينغ ولورانس كراوس وغيرهم، حول البدايات المتوقعة للكون الذي نعيش فيه، حيث تتراوح بين عدة فرضيات تتلخص
بما يلي:
1) في فكرة الأكوان المتعددة (Multiverses) ، ربّما حدث الانفجار الكبير الذي بدأ منه الكون بتصادم كونين أنتجا كوننا، أو أنّه نشأ كفقاعة من غشاء كونيّ آخر، وتطور في مساره الخاص لاحقاً
2) أو أنّ هنالك مولّداً للأكوان (Cosmos Generator) ينتج عدداً لا نهائياً من الأكوان بمعايير وقيم مختلفة للثوابت والقوانين الكونيّة، وكوننا كان أحدها بهذه المواصفات
3) في فكرة نشوء الوجود من العدم، وفق المؤلّف (لورنس كراوس في كتابه كونٌ من لا شيء(Universe of Nothing ، بدأ الكون من عدم يتكون فعلياً من جزيئات وإشعاعات حصل منها الانفجار الكبير وفقاً للميكانيك الكمومي والجاذبية، أي هنالك وجود ما بدأ منه الكون
4) في أطروحة الضبط الدقيق (Fine Tuning) والتي تتحدث عن الضبط الدقيق للمعاملات الكونيّة كسرعة الضوء وثابت الجاذبيّة وثابت بلانك وكتل الإلكترون و البروتون والنيوترون والثابت الكونيّ ...، يقول العالم ستيفن هاوكينغ "إن الحقيقة الملاحَظة أنّ قيمة تلك الأعداد تبدو مضبوطة بدقة شديدة لتُتيح إمكانية نشوء وتطور الحياة" ، مضبوطة أي أن هنالك من ضبطها!
5) ربما نعيش في نموذج محاكاة للكون، وفقاً لأطروحة فلم المصفوفة (The Matrix) والتي تقول بأننا نعيش في وهم افتراضي صنعه لنا غيرنا ونحن نعيش فيه معتقدين أنه حقيقة ولكنه وهم! فلو افترضنا مثالاً أننا طوّرنا برنامجاً حاسوبياً يتمتع بالذكاء الصنعي (Artificial Intelligence AI)، ووصل لمرحلة متقدّمة من التعلّم والإدراك، وأوجدناه في بؤرة معزولة دون إعطائه معلومات أوليّة عن البشر، لاعتقد بأنّ الذي صنعه مكوّن من حواسيب وبرمجيات إلخ.... ولن يخطر له أننا في يوم من الأيّام كنا نطفة وأننا عشنا في رحم داخل إنسان آخر وأصبحنا ننمو شيئاً فشيئاً، والأمر نفسه يطبّق على الإنسان الذي يفترض ما يشابه المعلومات التي تدخل لإدراكه و ينمّط العالم كما يشبهه هو ومن هنا توجد نظرية فلسفية بأنسَنَة الكون وهو إطلاق الصفات الإنسانية على الموجودات والكون.
6) ربما هنالك حضارات متقدمة علينا بملايين السنين ومتطوّرة علميّاً وتكنولوجيّاً، سافرت عبر الفضاء وقَدِمت إلى الأرض ووضعت بذرة الحياة العضوية، ويستندون لنصوص سومريّة حول الأنوناكي من كوكب نيبرو الذين جلبوا الحياة للأرض
7) في أطروحة أزليّة المادّة، التي تقول بأن المادّة موجودة وجوباً ولم تخلق خلقاً حادثاً، والتي بينت الأبحاث الفيزيائية الكونية صعوبة تحقق هذه الأطروحة لوضوح بدأ الكون من نقطة متفرّدة(Singularity) ، وبالتالي يمكن أن تصحّ أزليّة المادّة في إطار الأكوان المتعددة ومولّد الأكوان
مع اختلاف الأطروحات السابقة في منظوراتها وبراهينها وفرضياتها والتي ليست موضع النقاش هنا، إلا أنها تشترك في مبدأ واحد، وهو تسبيق الوجود على العدم! حيث أنّ وجودنا مسبوق بوجود سابق (ليس زمانياً بل وجودياً) أوجد هذا الكون الذي نعيشه، فمن الناحية المنطقية نقول للملحد أنه هو أصلاً يؤمن بأسبقية الوجود على العدم؛ بعلامة اعتماده بأزلية المادة وعدم اقتناعه بالخلق من العدم، وبالتالي لا داعي لافتراض السلسلة اللانهائية في "من خلق من" لأننا سنصل إلى نفطة وجودية لا يسبقها عدم... وهو المطلوب (الله موجود دون الحاجة لموجد)
وهم يراهنون على أزليّة المادّة (و هذا برأيهم لنفي الحاجة لله) ولكنهم يقعون في فخّهم؛ إذ أنهم بطرحهم هذا ينفون أسبقية العدم على الوجود، إذن الوجود يسبق العدم، حسناً الوجود هو الأصل فهو إما مادّة أو إله، وإذا علمنا أن هنالك وجوداً فوق المادة (القوانين والدساتير والاحتمالات والمسارات والمصائر) وأن هنالك وجوداً فوقها هو المعرفة والأفكار والتنظيم والحكمة والضبط الدقيق fine tuning والعقل والإرادة، والمتعلقة كلها بالمفاهيم الأخلاقيّة والشموليّة كالحقيقة والجمال والخير، نكون إذاً وصلنا إلى أن الوجود الأزلي واعٍ، غير ماديّ، متجاوز، لا يمكن الإحاطة به ولا ملاحظته ولا تجربته ولا إثباته رياضياً كونه غير محدود بحدود الرياضيات، إذن فالله موجود ووجوده يسبق أنطولوجياً (وجوديا) وجود المادة، وهو المطلوب (الله موجود وعليم وحكيم ولا يمكن الإحاطة به، هو أوجد الوجود بعلمه وحكمته وإرادته ومشيئته)
في كلمة أخيرة، المادة لا تحوي حياة ولا تملك إدراكاً، ولكن الإنسان مادة من جهة وإدراك وروح وحياة من غير المادة، شيء ما مدرك وحيّ لن تصنعه المادة غير المدركة (ففاقد الشيء لا يعطيه) فمن خلقه غير الحيّ القيّوم؟
كتبه: أحمد راشد حافظ
إضافة مقتبسة من فريق عالم الأكاذيب:
عادة عند محاورة أي ملحد دائما ما يلجأ للسؤال التالي: من أوجد الله (تعالى الله) أو كيف وُجد من عدم؟؟!!
فتكون إجابتي أن صفات الخالق تختلف عن صفات المخلوق ولا يمكن أن نساوي بينهما! لكن الإنسان عادةً يفترض ما يشابه المعلومات التي تدخل لإدراكه و ينمط العالم كما يشبهه هو، ومن هنا توجد نظرية فلسفية بأنسنة الكون وهو إطلاق الصفات الإنسانية على الموجودات والكون، ومن هذا المنطلق يقوم الإنسان بإسقاط صفاته وحاجياته وفهمه على الخالق الذي لا يشبهه.
مثال على ذلك هو الذكاء الاصطناعي: أننا لو أوجدنا كمبيوترا يتمتع بذكاء اصطناعي في بؤرة معزولة دون إعطائه معلومات أولية عن البشر لاعتقد بأن الإنسان مؤلف من كمبيوترات وبرمجيات وإلخ.... ولن يخطر له أننا في يوم من الأيام كنا نطفة وأننا عشنا في رحم داخل إنسان آخر وأصبحنا ننموا شيئا فشيئا.
ما القول الاخير للعلم بخصوص ازلية المادة ؟
ردحذف