الاثنين، 14 أبريل 2014

أخطاء المسلمين في نظرتهم للعقل


أخطاء في نظرة المسلمين للعقل




1- النظرة إلى العقل على أنه بنية مكتملة ومعزولة، وعلى المرء أن يرضى بما قُسِّم له من قدرة على الفهم. ويعدون ذلك الرضا منقبة من المناقب. ويعبرون عن هذا بقولهم: قسَّم الله العقول والأرزاق، فرضي الناس بعقولهم، ولم يرضوا بأرزاقهم. ]...

[

الرضا عن الله – تعالى – وعما قضاه وقدره مطلوب في كل الأحوال، ولكن بشرط الفهم الصحيح للأمور، فما دامت العقول قابلة للتنمية والتحسين، فإن علينا أن نمنيها، كما يفعل الرياضي حين ينمي عضلاته من خلال التمرين. ]...[

وقد ترتب على هذه النظرة إهمال شبه تام لدى معظم الناس لمسألة تحسين المهارات العقلية لديهم من خلال التدريب على التفكير وبلورة المفاهيم وفحص العيوب والأخطاء الفكرية. ]...[



2- الطلب من العقل في أن يحكم في أمور ليس من شأنه الحكم فيها، لأنه ليس في تركيبه الخاص خانات لها. وعلى سبيل المثال فإن العقل لا يستطيع من خلال مبادئه الأساية وقواه الفطرية التفريق بين المهم وغير المهم، واللائق وغير اللائق، والآمن والخطر، والضار والنافع، وما يستحق الاستعجال وما يمكن أداؤه على التراخي، كما أنه يفرق بين الكثير من مفردات الخير ومفردات الشر. والدليل على هذا اختلاف الأمم والشعوب والأفراد في الكثير الكثير مما أشرت إليه، ولو كان ذلك من مدركات العقل الفطرية لما اختلف الناس فيه، لأن الأحكام العقلية المحضة لا تختلف باختلاف اللغات والأعراف والثقافات والأديان.

]...[

حين غزا الأوربيون أفريقية في القرن التاسع عشر أبدوا اشمئزازهم من تبذل المرأة الإفريقية وعدم احتشامها في ملابسها، وذلك بسبب وجود حالة الستر التي كانت لدى النساء في أوروبا في ذلك الوقت. واليوم وصلت المرأة الأوروبية إلى أقصى درجات العري وتم النظر إلى ذلك على أنه تطور طبيعي للذوق ]...[

والأوروبيون يستهجنون اليوم تحريم المسلمين لأكل لحم الخنزير، وتحريمهم لشرب قليل الخمر وكثيره، ويستغربون من رفض المسلم الملتزم مصافحة المرأة الأجنبية، وإعراضه عن النظر إلى شيء من جسدها. ونحن في المقابل نستهجن سلوكهم في كل هذه الأمور. عدم إدراك معظم المسلمين لهذا المعنى – معنى عدم قدرة العقل في الحكم على هذه الأشياء – أوجد لديهم تراخيا كبيرا في الاستثمار في الثقافة، وتوانيا في السعي إلى جعل التغيير الثقافي مفتاح تغيير أوضاعنا العامة برمتها، ولهذا نجد الكثير من الإهمال التربوي والكثير من اللامبالات في زرع المفاهيم والقيم والمبادئ في نفوس الناشئة وذلك اتكالا على إدراك العقل لها، مع أن العقل غير قادر على ذلك.

] ...[



3- عدم فهم أهمية الخبرة في عمل العقل، وإن شئت أن تقول: الاستهانة بالخبرة والدراية لصالح الثقة الزائدة بالعقل.

] ...[



4- تعطيل العلاقة بين الأسباب والمسببات، إن الله – جل وعلا – قد رتب شؤون هذه الحياة ترتيبا منطقيا مفهوما ومعقولا ]...[ وقد قال الله تعالى عن ذي القرنين: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا) ]الكهف: 84، 85[ أي: آتاه من كل شيء أسباب وطرقا يتوصل بها إلى ما يريد من فتح المدائن وقهر الأعداء، وقد أخذ ذو القرنين بتلك الأسباب بجد واجتهاد.


إن كثيرا من المسلمين اليوم  ]...[ لا يأخذون بالأسباب المطلوبة لتحقيق النتائج التي يريدون الوصول إليها. وهكذا فهناك من ينتظر كما يقولون –ضربة الحظ كي تنقلب أوضاعه رأسا على عقب، وهناك من ينتظر فرجا لأزمة لم يحسن التعامل معها، ولم يأخذ بأسباب حلها. وهناك من ينتظر الخوارق التي ستنقله من طور إلى طور ]...[




عبد الكريم بكار

من كتاب: الأسئلة المحظورة - التأزم الفكري في واقعنا الإسلامي المعاصر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

| مقطع مرئي |

اكتب عنوان بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا: