الجمعة، 20 سبتمبر 2013

لماذا ليست كل أمور ديننا محسومة ومحددة؟



هل أحس أحدكم يوماً بنعمة الاجتهاد التي أُمرنا بها في الإسلام على مستوياتنا المختلفة، بل واختُصِصنا بها من بين الأمم؟

فعالم الحديث عليه أن يجتهد في تخريج الحديث، وقد يختلف مع غيره من العلماء في تقوية الحديث أو تضعيفه، فيتحاجّون ويتناظرون، ويمحصون الأدلة والشواهد.

وعالم الفقه يجتهد لاستنباط الأحكام التفصيلية من أدلتها الشرعية، وقد يختلف استنباطه أو استدلاله مع اجتهاد نظير له، فيتناقشان ويتحاوران، وينظران ويفكران..

وأنت كمسلم عادي، مأمور إذا كنت في فلاة أن تجتهد لتعرف اتجاه القبلة، وتجتهد لتميز مواقيت الصلاة...

فتفكر ... وتبحث... وتستدل...

وترى أحياناً في المسألة الفرعية الواحدة عدة آراء، لعدة علماء، فتسأل عن دليل هذا، ودليل ذاك، وتحاول رغم قلة علمك، أن تقارن وتنظر أيهم كانت حجته أقوى، واستدلاله مقنعاً أكثر...

لماذا لم يحدد الله سبحانه لنا هذه الدقائق والأمور الفرعية، بحيث يرتاح المسلمون من الاختلاف والنقاش والمحاجّة؟ ويكونون كلهم على مذهب واحد، ورأي واحد؟

لو شاء الله تعالى أن يقدر ذلك لكان...

أما حدد لنا مثلاً أن اليد يجب أن تغسل في الوضوء إلى المرفق، فما اختلف في ذلك أحد؟

وأن الصيام يكون من ظهور الفجر الصادق، حين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، إلى أن تغيب الشمس بكامل قرصها، فلم يختلف في ذلك اثنان؟

لماذا لم يتم هذا الحسم والتحديد ويسري ليشمل كافة أمور ديننا صغيرها وكبيرها؟

لا شك أن لله تعالى في ذلك حكمة كبيرة، فالحكيم الخبير تعالى عن العبث أو الخطأ أو النسيان.

وقد نهتدي لتلك الحكمة، أو لشيء منها، وقد لا نهتدي، ولا يمنعنا ذلك من الإيمان والتسليم.

بيد أنه لا شك أن من الحكمة في ترك هذه الأمور غير محسومة تماما، وفتح باب الاجتهاد فيها، أن يربيك الإسلام أيها المسلم على التفكر و النظر، ويدربك على البحث عن الأدلة وتمحيصها، وفحصها والترجيح بينها، ويعلمك الاجتهاد في طلب العلم، والبحث عن الحقيقة، وألا تأخذ الأمور على عواهنها، ولا تقلد كل ما يقال لك تقليداً أعمى.

عندما وعى المسلمون هذا وأتقنوه، تفتحت لهم أبواب العلوم والمعارف على مصاريعها، فمضوا ينهلون منها بوعي وحذر، وفهم وتمحيص، فلم يقبلوا علوم من قبلهم بحسنها وسيئها، بل ترجموها، ثم نقدوها، ثم أضافوا إليها وصححوها، وقدموا للبشرية أعظم هدية معرفية علمية حظيت بها في تاريخها، ألا وهي منهج البحث العلمي.



بقلم أم عبد الهادي

هناك 3 تعليقات:

  1. شكرا لك يا زينب ... سأصبح على مشهورة على يدك إن شاء الله :)

    ردحذف
  2. شكرا لك يا زينب... سأصبح مشهورة على يديك :)

    ردحذف

| مقطع مرئي |

اكتب عنوان بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا: