الجمعة، 13 سبتمبر 2013

ماذا تعرف عن انشقاق القمر؟ هل حديث انشقاق القمر صحيح؟




كنا قد فندنا من قبل خبرا كاذبا زعم بأن ناسا قد أثبتت علميا بأن القمر قد انشق، وقد كذّبت ناسا الخبر بنفسها كما هو موضح في هذا البحث:



حقيقة معجزة انشقاق القمر




أما جديد عالم الأكاذيب فهو حقيقة يجهلها البعض وهي أن العلماء أنفسهم قد اختلفوا في تفسير الآية:


((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ))


اسمحوا لنا أن ننقل لكم اقتباسا من كلام الشيخ الغزالي حول هذه الآية... وهو مقال يكتبه الشيخ الغزالي ردًا على حوار قديم شكك فيه ملك الروم في قصة انشقاق القمر:


إنني لو كنت مكان الرجل، وسألني هذا القيصر عن انشقاق القمر لقلت له كلاما آخر..!.



لقلت له: أيها الإبمبراطور الكبير إن سلفا عظيما سبقك في حكم الرومان جاءه كتاب من رسولنا يقول له في "أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين" ثم يختم كتابه بقول الله تعالى ((... يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)).


أيها الإمبراطور، إن نبينا عندما كاتب سلفك، لم يذكر له خارقة من خوارق العادات التي عرضت له، وإنما خاطب عقله، واستثار أنبل ما في نفسه، وذكر له أنه باق على إسلامه.


فإن رفض ملك الروم هذه الإجابة مني قلت له: إن شرحْتَ صدرًا بعقيدة التوحيد، ورفضت من الناحية التاريخية انشقاق القمر وتوقف الشمس، فأنت مسلم مقبول الإيمان.


ولا يصدنَّك عن دين الله خبر راو من الرواة حفظ أم نسي واعلم أن من مفكري المسلمين ومفسري دينهم من اعتبر الانشقاق من أشراط الساعة، وأن من المتكلمين من توقف في أخبار الآحاد، كما قال إبراهيم النظام: "إن القمر لا ينشق لابن مسعود وحده" وابن مسعود هو الذي رُويَ عنه الحديث المذكور...


ربما قال لي قائل: كيف تتهاون في حديث صحيح على هذا النحو؟ وأجيب إن رد حديث بالهوى المجرد مسلك لا يليق بعالم، وقد ردّ أئمتنا الأولون أحاديث صحاحا لأنها خالفت ما هو أقوى منها عقلا ونقلا.. وبذلك فقدت مقومات صحتها، ومضى الإسلام بمعالمه ودعائمه لا يوقفه شيء! وقد قلت: إنني لا أربط مستقبل ديننا بحديث آحاد يفيد العلم المظنون، وأزيد الموضوع بيانا فأقول:


إنني أومن بخوارق العادات، وأصدق وقوعها من المسلم والكافر والبر والفاجر، وأعلم أن قانون السببية قد يحكمنا نحن البشر بيد أنه لا يحكم واضعه تبارك وتعالى..


وعندما قرأت حديث الانشقاق شرعت أفكر بعمق في موقف المشركين، إنهم انصرفوا مكذبين إلى بيوتهم ورحالهلم بعدما رأوا القمر فلقتين عن يمين الجبل وشماله، قالوا: سحرنا محمد، ومضوا آمنين سالمين لا عقاب ولا عتاب..!.


قلت: كيف هذا؟ في سورة الأنبياء يحكي الله سبحانه سرّ كفر المشركين بنبيهم محدِّدين مطلبهم منه ((فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ)) ويحكي القرآن لماذا لم يجابوا إلى مطلبهم ((مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا ۖ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ)) إن التكذيب بعد وقوع الخارق المطلوب يوجب هلاك المكذبين!.


فكيف يترك هؤلاء المكيون بدون توبيخ ولا عقوبة بعد احتقارهم لانشقاق القمر؟.


ويؤكد القرآن الكريم هذا المنطق في سورة الإسراء ((وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ)) فإذا كان ارسال الآيات ممتنعا لتكذيب الأولين فكيف وقع الانشقاق؟..


بل كيف يقع أو يقع غيره والله يقول في سورة الحجر ((وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ، لَقَالُوا: إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ))


ثم إن المشركين في مواطن أخرى ألحُّوا في طلب الخوارق الحسية ((وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا..)) فلماذا لم يقُل لهم: سبق أن انشق لكم القمر فكذبتم؟ أيمر هذا الحدث ليعقبه صمت تام؟..


وفي سورة أخرى قيل للكافرين وهم ينشدون المعجزات الحسيّة: حسبكم القرآن فيه مقنع لمن نشد الحق ((وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ ۖ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ، أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ..)).


إن مئات الآيات في سور كثيرة طوال العهد المكي دارت في إثبات الرسالة على محور واحد، إيقاظ العقل وتعريفه بربه واعتبار صاحب هذا الوحي إمام السائرين إلى الله المعتصمين بحبله، وتجاوزت مقترحات الكفار أن يروا آية مادية معجزة..


من أجل ذلك لم أقف طويلا عند حديث الانشقاق وأبيت بقوة أن أربط مستقبل الدعوة به أو بغيره من أحاديث الآحاد التي تصطدم بأدلة أقوى منها..


ولست بدعا في هذا المسلك، فأبو حنيفة ومالك ردُّوا أحاديث من هذا الطراز عارضها من دلالات القرآن ما هو أقوى منها..


إننا لا ننكر الخوارق من حيث هي، وإنما نناقش الأسانيد التي جاءت بها، ونوازن بين دليل ودليل، وإيماننا بالخوارق هو الذي جعلنا نحن المسلمين نصدق ميلاد عيسى من غير أب، فالقرآن قاطع في هذه القضية وإذا ثبت قول الله فلا كلام لأحد..!.


والقاعدة أن خبر الواحد يُعمل به ما لم يكن هناك دليل أقوى منه فيصار إليه



محمد الغزالي في كتابه الطريق من هنا

هناك 3 تعليقات:

  1. شكراً لأرسالك المقال لى , سأحاول قرائة الروابط التى ارسلتيها فى القريب العاجل ان شاء الله :) .

    ردحذف
  2. لا شكر على واجب وأهلا وسهلا بكم في أي وقت :)

    ردحذف
  3. بالإضافة إلى أن آيات التنزيل الحكيم (مثل "وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ") تنفي وقوع الآيات البينات (خوارق الطبيعة) لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كالتي جاءت للرسل السابقين (مثل عيسى وموسى عليهما السلام) فإن الكلمات التي جاءت بها الآية الكريمة في شق القمر تنفي التصور الخاطئ المنتشر بين الناس وهو انقسام القمر إلى نصفين. إذ أن الشق في اللغة العربية لا يدل على مثل هذا الانقسام، وإنما يدل على معنى آخر مثل التمزق إذا حدث في الثوب أو سطح الأرض فقال تعالى "وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ ٱلْمَآءُ" فلا يفيد أن الصخرة انقسمت إلى نصفين وكذلك قوله "يَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً" وذلك للخروج من القبور وليس انقسام الارض إلى نصفين، ولو أراد الله تعالى إخبارنا بأن القمر انقسم إلى نصفين لاستخدم كلمة الفلق بدل الشق، إذ قال تعالى "إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبِّ وَٱلنَّوَىٰ" وقال "ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ" قالفلق يعني الانقسام إلى جزئين منفصلين.
    وعلى ذلك فان أحاديث انفلاق القمر (وهي ظنية الثبوت والورود) المروية في الكتب والتراث الاسلامي لا يمكن أن تكون صحيحة لمخالفتها آيات التنزيل الحكيم (والتي هي قطعية الثبوت والورود).

    ردحذف

| مقطع مرئي |

اكتب عنوان بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا: