السبت، 12 مايو 2012

التنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبية بمنظار ديني

المسلم يثق بربه، ويستمد منه العون، ويتوكل عليه، ويعلم أنه: لا حول له و لا قوة .... لا حول عن حاله و لا تغيير لوضعه، و لا قوة ذاتية له، إلا بالله، إلا عندما يستعين بالله،

و هؤلاء يريدون أن يلغوا تماما مفهوم التوكل و يقولون: أنا ... أنا.... كن واثقا بنفسك
حط حلمك في دماغك وأصر عليه أكيد سيتحقق...

و الدعاة المنبهرون بالثقافة الغربية بكل أسف، يرسخون هذه المفاهيم عند أتباعهم، ثم يعقبونها بقولهم: "مع توكلك على الله"... فكيف نخلط الخل بالعسل؟ كيف أتوكل على قدراتي، وأتأكد أنني إذا أردت و خططت فسأنجح لا مناص، وفي نفس الوقت أكون متوكلا على الله؟ وهل التوكل على الله كلمة تقال باللسان، أم عقيدة راسخة تحتاج تربية دقيقة وعميقة لتترسخ في النفس البشرية؟
كيف أخلط منهجين منفصلين تماما في القواعد و الأسس، لمجرد وجوه تشابه في بعض معالم الطريق؟
إنما التوكل الحق على الله أن أبذل كل جهدي وكل ما منحني الله من قدرات في سبيل أمر يرضي الله عز وجل، فأتعبد الله باتخاذ الأسباب، ثم أتوكل على الله، وأعلم أن النتيجة عليه وحده...

[...]


كثيرون ممن بذلوا أقصى جهودهم لتحقيق طموح ما، ثم وقفت في وجوههم عراقيل قدرها الله تعالى عليهم، أصابتهم صدمة مروعة، ففقدوا عقولهم أو إيمانهم أو أنهوا حياتهم...

تخيل مثلا أُمًّا من الأمّهات... تسمع كلام هؤلاء، فتقرر أنها ستربي ولدها ليكون داعية لله، و تقول لنفسها و له دوما.. أنا أقدر.. أنا أستطيع.. أنا مؤمنة بهدفي... أنا واثقة من نفسي
ثم يشاء الله تعالى و يموت ابنها في حادث سيارة وهو لم يبلغ العشرين...
علام قدرت؟ وماذا حققت؟

شاب حلم ببلده، أنه سيغير كذا و كذا... و وضع الفكرة نصب عينيه، و أصر عليها، ثم اصطدم بالخونة وبالمرتشين وبالكسولين ... ووو....... ماذا سيفعل... سيلجأ عندها لعالم رباني يفهمه أن أجر نيته لم يضع و أنه مكتوب له عند الله، وعليه أن يواصل العمل لأنه يتعبد الله بالجهد لا بالثمرة، فيشحن روحه وقلبه من جديد، و يستطيع أن يواصل... و إلا... فسيصيبه ما يصيب الغربيين من صدمات و أزمات نفسية تنتهي بالإدمان أو الانتحار أو الجنون...

هل تعلم أكبر مصيبة في عصرنا؟
أننا نستمد من الغرب ثقافته لا علمه
مع أنه متقدم علينا في العلم لا الثقافة...

غفر الله للنخب الفكرية التائهة التي تتوه وراءها أجيالنا جيلا إثر جيل...

[...]


البرمجة اللغوية العصبية بناء للشخصية، أي مجالها التربية والتهذيب، وهي وظيفة الدين، وبالتالي أنت هنا تأتي بمنهج جديد للتهذيب بديل عن المنهج الديني...


إضافة إلى أنها تقيم بناءها على مجموعة من الأفكار التي تعتبرها مسلمات، في حين لا ندري من سلم بها...

[...]


لو تتبعت البرمجة اللغوية العصبية وما يتفرع عنها من فنون لوجدت أن تعاليمها تتناقض تناقضا صريحا مع الدين

من ذلك مثلا قولهم أنك لا ينبغي ان توجه للإنسان رسائل سلبية لأنها تأتي بمفعول عكسي، فلا تقل له لا تفعل كذا، لأن اللاوعي سيطرد كلمة (لا) ويستقر فيه (كذا) فيدفعك نحوها دفعا.. بل أعط رسالة إيجابية فقل (افعل كذا)
مثلا لا تقل لا تكذب، ولكن قل: كن صادقا...

وأن كل الفشل الموجود في حياتنا والإحباطات والعقد النفسية والخلل السلوكي منشؤه كلمة (لا) وهذه الرسائل السلبية...

ألا يناقض هذا مناقضة صريحة عشرات بل مئات النواهي التي وردت في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة:

وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً
إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً
وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً
 وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً
 وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي القَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً
وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً
وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً
وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الجِبَالَ طُولاً
الإسراء (29-37)

[...]


ومع ذلك أعود وأقول أنه لا مانع من الاطلاع الواعي دون انبهار ودون استسلام، ودون تلق سلبي، بل بمحاكمة عقلية، واحتكام لأسس الدين وثوابته أولا... لنميز الخبيث من الطيب... ولنكون على علم ومعرفة بكل ما يدور من حولنا، للاستفادة منه، أو للتحذير من مساوئه...




بقلم أم عبد الهادي (بتصرف طفيف)

هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم و رحمة الله
    مقال مفيد إن شاء الله

    هل نقول ان كل ما اتوا بها في ما يسمونه
    ((التنمية البشرية والبرمجة اللغوية العصبية))
    يجانب الشرع و بالتالي يجانب الصواب؟؟

    ردحذف
  2. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

    مرحبا بك أخي الكريم..

    أولا المشلكة الأساسية بأنها علميا لا ترقى لـ "علوم" كما يعتقد الكثير..

    عموما أعتقد بأن فيها من الغث ومن السمين، لكن السؤال هل لدينا القدرة على التمحيص واكتشاف السموم التي تخفيها؟ لا أعتقد بأن الجميع لديه القدرة على ذلك.. هذا من ناحية من ناحية أخرى لدينا في تراثنا الديني ما يغني عنها.. فلم نترك ما عندنا من خير طمعا فيما عند غيرنا؟

    وإن شاء الله أنوي نشر المزيد من المقالات حول هذا الموضوع والتطرق له أكثر.. فتابع معنا أخي الفاضل :)

    ردحذف

| مقطع مرئي |

اكتب عنوان بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا: