الأربعاء، 29 فبراير 2012

"الزر" وثقافة الاستسهال

إذا كنت تصدق أن سيارة ثمنها مليون دولار تستطيع أن تشتريها بدولار واحد، فلا بأس أن تصدق بأن جملة ما إذا قلتها أو نشرتها فلك مليون حسنة!

حملات مليونية تستغل العقول الساذجة، ما عليك إلا أن تردد وتنشر دون أن تفكر!

عبادة أهل الكسل وترك العمل!

مع أن الإيمان مرتبط بالعمل والجهد، إلا أننا مسخناه إلى أدنى درجات التفاهة.

وجعلنا كبسة زر أو ترديد كلمات دون وعي أو فهم طريقنا إلى الجنة!

وهكذا يصبح الدين تجارة مفرغة من الروحانيات ومن هدفها الحقيقي.

هل الذكر تجارة وأرقام وحسابات مع الله؟؟؟

أم أن الله يريد منا قلوبا ذاكرة مطمئنة؟؟؟

إذن الذكر والدعاء يكونان بتضرع وخوف من الله وطمع في رحمته وليس كما يدّعون، وكتابة الذكر بتعليق والترديد كالببغاوات:

الله يرحمه.. الله يرحمه.. أو سبحان الله.. سبحان الله...

وسيلة لن تُحقق التقوى بقلبك.. ولن يستفيد منها غير صاحب الصفحة الذي يجمع التعليقات والإعجابات.

للأسف انتشر بين رواد الإنترنت والمسلمين عموما ما أحب أن أسميه بـ "ثقافة الاستسهال"...

بضغطة زر يمكنكَ أن تجني الملايين من الحسنات.

بضغطة زر ستغفر ذنوبك جميعها.

بضغطة زر يمكنكَ أن تنصر نبيك... إلخ.


تقول أم عبد الهادي:

"أعتقد أن سببا كبيرا من أسباب ترويج هذه النوعيات من الرسائل هو أن الناس تشعر انها لا تقدم شيئا لدينها ولا لربها، فعندما تصلها مثل هذه الرسائل تجدها فرصة جيدة وصفقة مربحة، ضغطة زر ويصبح لديك رصيد كذا وكذا من الحسنات (أحيانا يحصونها لك أيضا) وبدون تعب، لا وضوء ولا صلاة ولا صدقة ولا صيام
مجرد ضغطة زر.. وتنافس المجاهدين العالمين العاملين
ثقافة الاستسهال برضه 
والتيك أواي"


ما أسهل أن نجنيَ العديد من الحسنات ونحن قابعون في أماكننا خلف الشاشة الحاسوبية، وما أصعب أن ننهض ونسعى ونجتهد!


ما أسهل أن نريح ضمائرنا ونعتقد بأننا قد فعلنا الذي علينا دون أن نتحركَ من مواضعنا!

ما أسهل أن نرسل أرقاما للتبرع لمرضى قد يكونون وهميين، وما أصعب أن نتبرع من أموالنا الخاصة لمن يحتاج بحق!


مشكلة هذه النوعية من الرسائل هي بأنها تٌسكت ما بداخلنا من ضمير يصرخ بأننا مقصرون في حق الله وفي حق ديننا وفي حق أنفسنا... هذه الأصوات التي بداخلنا هي التي قد تجعلنا ننهض، هي التي قد تجعلنا نتحرك... لكن تأتي رسالة تافهة فتسكتُ كلّ شيء وتملء صدورنا بإحساس مزيف من الرضى، احساس يشعرنا بأننا قد فعلنا ما علينا وانتهى.


قم اعمل، واسعى، واجتهد... لا شيء يأتي بـ "زر"... لا شيء يأتي بالسهل... وصدّقني لن ينفعك "الزر" يومَ لا ينفع مال ولا بنون!!

فريق عالم الأكاذيب


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

| مقطع مرئي |

اكتب عنوان بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا: