الجمعة، 18 أغسطس 2017

ما هي حقيقة السحر؟ (حسب سيد قطب)

ومن شر النفاثات في العقد.. والنفاثات في العقد: السواحر الساعيات بالأذى عن طريق خداع الحواس، وخداع الأعصاب، والإيحاء إلى النفوس والتأثير والمشاعر. وهن يعقدن العقد في نحو خيط أو منديل وينفثن فيها كتقليد من تقاليد السحر والإيحاء

والسحر لا يغير من طبيعة الأشياء; ولا ينشئ حقيقة جديدة لها. ولكنه يخيل للحواس والمشاعر بما يريده الساحر. وهذا هو السحر كما صوره القرآن الكريم في قصة موسى عليه السلام: سورة طه قالوا: يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى. قال: بل ألقوا. فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى. فأوجس في نفسه خيفة موسى. قلنا: لا تخف إنك أنت الأعلى. وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى... 

وهكذا لم تنقلب حبالهم وعصيهم حيات فعلا، ولكن خيل إلى الناس -وموسى معهم- أنها تسعى إلى حد أن أوجس في نفسه خيفة، حتى جاءه التثبيت. ثم انكشفت الحقيقة حين انقلبت عصا موسى بالفعل حية فلقفت الحبال والعصي المزورة المسحورة

وهذه هي طبيعة السحر كما ينبغي لنا أن نسلم بها. وهو بهذه الطبيعة يؤثر في الناس، وينشئ لهم مشاعر وفق إيحائه.. مشاعر تخيفهم وتؤذيهم وتوجههم الوجهة التي يريدها الساحر، وعند هذا الحد نقف في فهم طبيعة السحر والنفث في العقد.. وهي شر يستعاذ منه بالله، ويلجأ منه إلى حماه

سيد قطب - في ظلال القرآن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

| مقطع مرئي |

اكتب عنوان بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا: