الأحد، 4 أكتوبر 2015

ما هي الإسرائيليات؟ وهل يصح الاستدلال بها؟



هي مجموعة من الأخبار والقصص منقولة من أهل الكتاب من يهود ونصارى.

وقد تساهل الكثير من المسلمين في الأخذ بالإسرائيليات ولذلك نجد كتب الدين والتفسير خصوصًا تعج بها.

إن نظرة عاجلة في القرآن تخبرنا بأن تاريخ أهل الكتاب فيه الكثير من الأمور الغير مشرفة، فهو مليء بالفسق والكذب على الله والتلفيق ونقض المواعيد والمواثيق:

(وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) سورة آل عمران 3:78

(فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ)

(وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)

 وحتى قتل الأنبياء:

(فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۚ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا) (سورة النساء 155)

هل بعد كل هذا نستطيع الجزم بصحة روايات أهل الكتاب؟؟

كلا طبعًا، بل هي ظنية أليس كذلك... ولو أمعنا النظر في كيفية تعامل القرآن مع الظنون لوجدنا منهجًا صارمًا في التعامل مع الظن في التشريع:

حيث أن اتباع الظن مع التشريع حرام قطعا بنص قرآني ونجتزئ من الآية 33 من سورة الأعراف دليلا على وجوب القول عن الله بالعلم لا بالظن: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ........ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)

ثم إن هناك غير آية واحدة تلوح بالذم لاتباع الظن بغير علم.. مؤكدة أن الظن لا يغني من الحق شيئا

(وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) [سورة النجم 28]

(مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ) [سورة النساء 157]


خلاصة القول أنه لا للمنهج الظني في الكلام عن الدين.. فهذا الدين ليس دين الظنون والقيل والقال وقالوا وسمعت من أحدهم وروي أنه... هذا الدين دين علم سماوي ووحي إلهي لا ظنون!

المشكلة أننا عمليا لا نطبق ذلك، بل ونصر على اتباع الأخبار، وأحيانا نقدمها على القرآن... نصر على حاجتنا للأخذ من الإسرائيليات رغم علمنا بعدم دقتها، وبدخول الكذب والتلفيق والتزوير عليها!!

وهناك نقطة لا تقل أهمية هي قوله تعالى.. (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) [سورة اﻹسراء 36]

تكفينا تفاصيل قصص القرآن التي نجدها في كتابنا، وغير ذلك أمر ليس لنا علم به، ولم يذكر الله لنا لحكمة، وقد قال لنا الله عنه التالي:

(سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا) [سورة الكهف 22]


نعم، يعلمنا الله عدم الانشغال عن المغزى وهدف القصة، والخوض في "هل كانوا ثلاثة ورابعهم كلبهم؟" أم "أربعة؟" أم "سبعة؟" إلخ...! 


فالمفترض بنا هو الانشغال بالنص القرآن القطعي ومعرفة مغزاه، فلسنا بحاجة لمعرفة عددهم أهو ثلاثة أم أربعة... وطبعًا لسنا بحاجة لإضافات الإسرائيليات!

لن نستفيد شيئا، ولن نزداد علمًا، لو عرفنا هل كان اسمي ابني آدم قابيل وهابيل أم شمعون ورائيل...!

ولن نستفيد شيئا في الانغماس بتفاصيل مرويات سبب شجارهما والقيل والقال، ويريد أن يتزوجها بدل أخيه... إلخ...


تلك التفاصيل الإضافية هي من العلم الذي لا ينفعنا، ولو كان ينفعنا حقا لذكره الله لنا في كتابنا، لا يهمنا ما نوع الثمرة التي أكل منها آدم عليه السلام، ولا يهمنا أن نعرف اسمي ابنيه (طالع أيضا: هل تعلم بأن اسمي "قابيل" و"هابيل" من الإسرائيليات؟).
المشكلة أنه أحيانا التفاصيل الموجودة بالإسرائيليات تكون عبارة عن ألغام مضرة، فمثلا بالإسرائيليات حواء أغوت آدم، وعاقبها الله بالحمل والولادة... مثل هذه التفاصيل حين تدخل في الوعي الإسلامي تضره...

هذا مما ليس لنا به علم ولا تقوى وإنه يبعدنا عن روح القصة القرآنية الرائع، فالقصة لها مغزى وهدف يتحقق بالتفاصيل المذكورة بالقرآن، أما غيرها من تفاصيل ففيه تضييع لوقت الأمة، ويشردنا بمنافي البعد عن ظلال ومغازي وأهداف القصة القرآنية، وإن المحروم لمن يحرم العيش في أفياء القصة القرآنية والمسكين من يلهو بالروايات عن تذوق الآيات!!





فريق عالم الأكاذيب

هناك تعليق واحد:

  1. عندما يقول شخص كلامًا معيّنًا ثم يأتي آخر فيحرفه فيعيد الشخص كلامه مرة أخرى لكي لا يحمله أحد ما لا يحتمل ثم يأتي شخص آخر فيفسر هذا الكلام على التفسير القديم الذي كان سبب التحريف، هذا حالنا مع الإسرائيليات، أنزل الله التوراة والإنجيل فحرفوها عن مواضعها وأضافوا فيها وبدلوا على حسب فهمهم القاصر وسوء نيتهم واستغلالهم للدين لإعلاء عرق على آخر أو حتى بأخطاء الترجمة، ثم أنزل الله القرآن نقيًا من هذه الخرافات والتحريفات ثم يأتي أناس يحبون القرآن ويفسرونه على تحريف هؤلاء! ثم يبرر فعله بأنه (يُستأنس به) لا يا عزيزي وجود الإسرائيليات في التفاسير لم يعد مجرد استئناس في الحقيقة بل أصبح اعتقادات ثابتة في أذهاننا، فمن منا الآن يعلم أن قصة خروج حواء من ضلع آدم الأيسر مثلًا هي من الإسرائيليات ولا وجود لها في القرآن أو السنة؟ وقد قال الشيخ الألباني أنه لا وجود لأحاديث صحيحة تفيد بخلق حواء من آدم أصلًا، والآن السؤال.. هل درستها وأنت صغير على أنها من الإسرائيليات؟ أم قيل لك أنها تفسير معتمد للقرآن وأصبحت تتلى على مسامعنا ليل نهار على المنابر والقنوات الفضائية؟

    ثم إن قومًا حرفوا كلام ربهم فكيف نثق بهم في نقلهم لروايات البشر؟! روي عن أهل الحديث أنهم إذا كذب أحد على دابته أسقط حديثه فكيف بمن كذب عن ربه؟!

    ردحذف

| مقطع مرئي |

اكتب عنوان بريدك الإلكتروني ليصلك جديدنا: